2025- 12 - 08   |   بحث في الموقع  
logo "سيدة الجبل": دخلنا مرحلة جديدة قد تكون بارقة أمل ورجاء logo كرم: أكبر خدعة انّ "الحزب" يمثل الطائفة الشيعية logo "التربية" تُعلن عن صدور المرسوم رقم 2004 logo السفيرة البولندية في جولة للاطلاع على أثر دعم Polish Aid  logo التحضيرات للانتخابات النيابية بين الحجار وعيسى logo بالفيديو: تحذير للمستهلكين.. بروتين مزوّر يباع على أنه مستورد logo النائب خليل يحذر من أي وصاية على البرلمان logo "الأشغال" تُطلق ورش صيانة واسعة على محاور حيوية.. ما هي؟
يوم الانتصار… كان كألف سنة مما تعدّون!.. بقلم: د. عاصم عبد الرحمن
2025-12-08 04:32:28

عام، عامان، ثلاثة أعوام، بل أربعة عشر عامًا، وثورة الكرامة السورية تنسج التاريخ الحديث بخيوط من الشمس على جبين القمر كي يروي الزمن حكاية شعب قد أسقط مصطلح المستحيل من قاموس الحلم. 


ففي 8 كانون الأول 2024، شرعت بلاد الشام أبوابها أمام الفاتحين الذين هبّوا نصرةً لوطنهم من المحافظات السورية الأربع عشرة كافة.


 


دهشة العالم وتسارع الأحداث


 


عشرة أيام، والعالم قابع في مربع الذهول جراء هول الحدث السوري وتسارع فصوله. يراقب، يسأل، يبحث، يتساءل، يثور، ينصدم، يفرح، يحزن ويعيش في دوامة من مشاعر مختلطة. في 27 تشرين الثاني 2024، انطلقت عملية ردع العدوان بقيادة الرئيس الحالي أحمد الشرع لتحرير سوريا، واستمرت حتى الشهر التالي. تقاطرت قوافل الثوار من مدينة إدلب واتجهت نحو حلب وريفها وحماة وحمص ودمشق وريفها ودرعا، مرورًا بالساحل.


 


اللحظة الحرجة لبشار الأسد


 


عشية الليلة الأخيرة، كان مؤيدو رئيس النظام المخلوع ينتظرون بيان شدّ حبال العزيمة. جلس بشار الأسد على مكتبه مصرًّا على كتابة خطاب اللاشيء بقلمه الذي جفَّ حبره باتفاق بين الروس والثوار عند جسر الرستن الذي يصل حمص بحماة، بالرغم من استدعاء المستشارة الإعلامية بثينة شعبان التي وصلت قصر الشعب لاحقًا لتجده خاويًا على عرشه.


 


كان من المفترض أن يتناول الخطاب بثلاث فقرات: مَن أسماهم إرهابيي هيئة تحرير الشام، وارتباطهم بأطراف إقليمية، والتوافق العربي حول بقاء دمشق، وإصراره على مواجهة ما اعتبره مؤامرة كونية ضد سوريا.


 


لكن اتصالًا من ضابط روسي في قاعدة حميميم سأله فيه: “ماذا تفعل في قصر الشعب والمعارضة بلغت أسوار دمشق؟” سؤال دفعه إلى مغادرة العاصمة على الفور برفقة ابنه حافظ وبضعة ضباط، والفرار إلى القاعدة الروسية، تاركًا خلفه جنودًا ومقاتلين أجبروا معارضيه يومًا على توحيده كإله، رامياً في قمامة ذاكرته جيشًا استُخفّ بعقيدته المحوّرة عن مسارها طوال أربعة عشر عامًا.


 


الانتظار في القاعدة الروسية


 


في القاعدة الروسية، انتظر بشار الأسد ثماني ساعات تساوي دقائقها سنواتٍ عجافٍ من سفك الدماء، وهدر الدموع، ونشر الخوف طوال عقود من حكم البعث. ساعاتٌ تاه خلالها بين أمواج الندم وعواصف الخطيئة التي لن تمحوها دعوة شعب عاش الخوف حتى عنان السماء، فلم يبقَ بيده غير الدعاء حيلةً وخلاصًا. ثم أتته الموافقة الروسية ليحل على جليدها ضيفًا ثقيلًا بصفة لاجئ إنساني، مجرّدًا من ممارسة أي عمل سياسي حتى إشعار مصلحي آخر.


 


الفجر المنتصر


 


حلّت ساعة الفجر الأولى، فصرخ السوريون وصرخ معهم العالم: “سوريا بدون بشار الأسد”. كسرت الأغلال وفتحت الأبواب، وخرجت الإنسانية من بئر الظلام إلى ضوء الحقيقة، تلك الحقيقة التي أبكت الكائنات من هول ما اختنقت به مسام الأرض في حضن تلة صيدنايا. ومن سجن صيدنايا خرج مَن دخل قبل أربعين عامًا أو أكثر: نساء، رجال، وكهول وحتى أطفال وُلدوا شهودًا على جهنم الأرض: مكبس، منشار، حبل، حفرة ملح، حوض الأسيد… أدوات أذهلت العالم جراء استخدامها لتعذيب البشر، كأن الضحية والجلاد لا ينتميان إلى العالم نفسه.


 


ولادة سوريا من جديد


 


في 8 كانون الأول 2024، ولدت سوريا من جديد. سقطت تلك “السوريا” التي رحلت عن أهلها على حين غفلة من زمن طالت سنواتُه حتى بلغت عنان الشقاء. عادت سوريا التي حضنت السوريين واحتضنوها، عادت سوريا التي أحبّت العرب وأحبوها، عادت سوريا التي كتبت التاريخ وكتبها في صفحات المجد التليد وهدمت بإرادة شعبها صياصي القهر والخوف والخذلان من حارسها الذي سرق أحلامها.


 


وحدة السوريين والانتصار


 


لم يشأ السوريون أن ينتهي ذلك النهار الذي عاد فيه المهجّرون والمعتقلون والمجروحون، وكسرت فيه أسوار الفرقة بين الإخوة والأصدقاء، وحتى النفس نفسها؛ فالخوف يخيفك حتى من ظلك. صرخت بلاد الشام انتصارًا بثورتها، ونزل أبناؤها إلى الميادين والمساجد والكنائس، وإلى الأماكن التي حُظر عليهم دخولها حتى ليلة ما قبل 8 كانون الأول 2024.


 


جعل السوريون من ذلك النهار نهارات لا تنتهي، خوفًا من يقظة تُبدّد الحلم الجماعي الكبير خلف قضبان الزمن، الذي أبكاهم دماءً على أحباء افتقدوهم في لحظات الفرح والحرية والبعث الجديد. فمَن دخل “سوريا الأسد” ما كان ليخرج لولا انتصار ثورة الكرامة بدماء شهدائها ودموع مهجّريها، ولا بتضحيات أبطال عملية ردع العدوان التي قادها أحمد الشرع، الذي خرج بشعبه من ظلمات القهر إلى نور الحرية التي انتظرها السوريون أربعة عشر عامًا.


 


اليوم، وفي الذكرى السنوية الأولى للتحرير، لا يزال معظم السوريين في حالة ذهول وعدم يقين من أن الشهادة باتت حرية، والخوف بات مواجهة، والجرح بات انتصارًا. إن الحفاظ على النصر هو معركة أخرى، فهل سينتصر السوريون على محاولات اختطاف انتصارهم؟!..

موقع سفير الشمال الإلكتروني

The post يوم الانتصار… كان كألف سنة مما تعدّون!.. بقلم: د. عاصم عبد الرحمن appeared first on .






ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBAANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top