2025- 12 - 06   |   بحث في الموقع  
logo طرابلس.. مُداهمة للجيش وتوقيف شخصين logo الأطفال المشردون في ازدياد: كلُّ الأبواب مُغلقة في وجههم logo مرقص يُشارك في منتدى الدوحة.. ويلتقي برّاك logo أسرار الصحف logo عناوين الصحف logo مانشيت “الأنباء”: سباق بين الدبلوماسية والتصعيد .. سلام في الدوحة لطلب المساعدة بدعم الجيش logo افتتاحية “الجمهورية”: عون: لا عودة للوراء… بري: التفاوض بالنار مرفوض… logo أمطار غزيرة ورياح.. والثلوج ستُلامس هذا الإرتفاع
"نظرة الأعمى" ثاقبة تبصر أننا واحد رغم اختلاف اللون وشراكة في التخلف !..( جهاد أيوب )
2025-12-06 09:17:41

  مستحيل الانفلات من رواية السنغالي مامادو سامب "نظرة الأعمى" الحائزة على الجائزة الكبرى للرواية لطلاب المدارس الثانوية، ونقلها من الفرنسية إلى العربية اللبناني محمد أسعد قانصو...رواية تصور الإهمال الإنساني العنصري في كل مكان وليس في السنغال فقط، وخارج لون البشرة، وبلادنا مغرقة بهكذا عنصرية وبكل أنواعها، وهذا ما ميز الطرح الذكي في لحظة مؤلمة من وجود البشرية!
صحيح، الرواية تناولت بيئة أفريقية معينة، لكنها مغرقة في حرية الإنسان وحالاته ونظراته وأيامه المسروقة من خلال توضيب البؤس واليأس والأمل في أحلام ممنوعة ومسلوبة، وهذا البعد الوصفي الدقيق في ترجمة الوجع لم نعد نعرفه في الأدب العربي، وتحديداً في الرواية والنص العربي المتخم بالكذب والترف كما لو أن الكل يشبه الكل، وهنا يكمن تخدير الحقيقة، بينما الكاتب الأفريقي مامادو أكد أننا جميعاً هنا وهناك لا نسعى لآن نشبه الآخر بل كلنا ذاك الآخر، وخضوع المقهور للقاهر من أجل العيش أصبح إرثاً يصنع التاريخ والزعماء، ويفيض بدماء تقدم على مذابح الأرواح العطشى في مسابح المكان وبتجدد الزمان!
رواية تمكن المؤلف من إيصال تفاصيل دقيقة في ترجمة وجع أوليماتا الفتاة التي تبحث عن مستقبلها في الخيال داخل مآسات المعانات، ومعانات اصابتها في مرض السيدا، ورفض البقاء داخل دائرة الحزن بسبب عادات وتقاليد مجموعات غائبة عن الوعي والتحضر فتقع في جريمة "الختان" حتى عاشت تلملم وجودها في إنسان تهشم جسده وفقد روحه!
ختان بطلة الرواية أوليماتا، ومشوار البحث عن المرأة فيها، وإمرأة مختونة، وواقع سكان تينيفالا، ونضال الحر ساليو، والتميز العنصري والطبقي، والتنمر، والبحث عن لقمة العيش، والتسول وأسبابه، وحكاية ختان فانتا، وتصوير السنغال ودكار ضمن فروقات واقعية تدل على براعة المؤلف في تقديمها بواقعية تحسب له!
 صور المؤلف الحقيقة بذكاء ودقة دون أن يشعرنا بغربة المكان والزمان واللحظة...وأعتقد هذه الناحية فرضت الجائزة، فالعديد كتب وصور الأوجاع في البيئة عامة وبيئة الحرمان خاصة، ولكن الغالبية يدخلونا بالملل وبالمبالغات، بينما المؤلف مامادو تفوق في أن لا يشبه غيره..   


الترجمة
وما ميز الترجمة إلى العربية من قبل محمد أسعد قانصو السلاسة في النقل، صحيح تصرف بحسن اختيار المفردات حتى تناسب الطرح العربي، وهذا ذكاء، ومطلب كل مترجم يعتني بلغته ولا يخاف منها بل يؤمن بالمسؤولية، فالمترجم هنا يصبح هو شريك فعلي مع المؤلف المصدر، وعليه التصرف بحنكة لخدمة الطرح واللغة والحكاية، وإلا تفقد الرواية زمانها ومكانها وتوصيل الحبكة وحركة الحالة، ومحمد تميز في أن يكون جزأ من الرواية وليس موظفاً يقوم بعمله والسلام!
الترجمة أخطر من الأصل، والمترجم يستطيع افشال أصل الرواية إذا لم يعش الرواية، ولم يفقه اللغة الأصلية واللغة المترجمة، وهنا برع قانصو في النقل والترجمة فجأ الوصف داخل الأحداث والمكان دون تصنع أو ثرثرات، بل سلسلة سلسة أعطت للقارئ العربي متعة القراءة، وانتظار التشويق للحدث، ومعرفة النهاية بحشرية وتطفل ..وهذا يعود إلى حنكة المترجم، وتصالحه مع الرواية الأصل...باختصار لا يبدع المترجم إلا إذا أحب القصة، ونقلها بأمانة وشطارة وليس بلغة محدودة وحجرية!
"نظرة الأعمى" باكورة نتاج محمد قانصو نجح في أن يكون حاضراً وبتميز، وعاب الترجمة بعض الأخطاء الإملائية في الطبع، وجُمل قليلة لم تكن موفقة في توظيف الحبكة، وهذا تتحمله دار البيان الجهة الطابعة...
رواية " نظرة الأعمى "  للكاتب مامادو سامب ترجمها إلى العربية محمد أسعد قانصو، وصدرت عن دار البيان العربي للثقافة والنشر هي صفعة لإنسان هذا الزمان بتقاليده وعاداته، وتبحث عن نضوج الفهم للحرية ولجوهر الإنسان خارج تشويه وما يحدث فيه وعليه ومن حوله...رواية تختزل الشعور الإنسان خارج العنصرية، وتقرب مسافات الشعوب، لنكتشف أننا واحد رغم اختلاف اللون، ولكن التخلف مشترك والوجع شريكنا جميعاً...لذلك هذه الرواية تستحق القراءة!




ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBAANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top