في زمنٍ يشهد تقلباتٍ سياسية واجتماعية عميقة، يبرز خبر تولّي أول إمرأة رئاسة وزراء اليابان كحدثٍ مفصلي في التاريخ السياسي الآسيوي، تماماً كما يشكل سجن الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي لحظة محاسبة نادرة في الغرب.
حدثان يفصل بينهما جغرافياً نصف الكرة الأرضية، لكن يجمعهما عنوان عريض: “الأنظمة لم تعد كما كانت”.
تُعرف اليابان بانغلاقها السياسي وثقافتها المحافظة، حيث ظلت السلطة لعقود حكراً على الرجال، وتحديداً أولئك المنتمين إلى النخبة الحزبية التقليدية. واليوم، مع صعود أول امرأة إلى رئاسة الوزراء، لا يتغيّر فقط المشهد السياسي، بل تتبدّل أيضاً النظرة إلى موقع المرأة ودورها في إدارة الدول الكبرى. إنها خطوة تشبه ما حدث في فنلندا مع سانا مارين، أو في إيطاليا مع جورجا ميلوني، أو حتى في الأرجنتين عندما تولّت كريستينا كيرشنر الحكم.
في المقابل، يُمثّل الحكم بسجن ساركوزي، وهو أحد رموز فرنسا الحديثة، علامة فارقة في أوروبا، فإدانة رئيس سابق ليس مجرد إجراء قضائي، بل رسالة بأن لا حصانات سياسية بعد الان رغم الانقسام السائد في فرنسا حول هذا الموضوع.
مشهد مشابه شهدته كوريا الجنوبية حين حُكم على الرئيسة السابقة بارك غيون، وفي البرازيل مع لولا دا سيلفا قبل أن يعود لاحقاً رئيساً منتصراً.
بين الحدثين، الياباني والفرنسي، خيطٌ واحد: صعود معايير جديدة للمحاسبة والتمثيل.
هذا في العالم المتحضر حيث لم تعد الشعارات عن المساواة والنزاهة ترفاً خطابياً، فهل تصل العدوى الينا؟
لا شك في أن وصول إمرأة إلى رئاسة حكومة في دولة بحجم اليابان يبعث رسالة تشجيع إلى المجتمعات العربية لاعطاء المرأة موقعها الطبيعي في القيادة وصنع القرار.
أما مشهد محاسبة الرؤساء والزعماء، فهو درس في ضرورة استقلال القضاء وإرساء ثقافة الشفافية والمساءلة بدل الولاء الشخصي.
التغيير لم يعد استثناءً…باشروا..!
The post رياح التغيير تهبّ من طوكيو إلى باريس: العالم يعيد رسم معاييره.. متى دور العرب؟.. حسناء سعادة appeared first on .