2025- 09 - 19   |   بحث في الموقع  
logo المستندات المطلوبة لعضوية مجلس إدارة الضمان logo جابر تسلّم تقرير ديوان المحاسبة من 2020 الى 2024 logo "تجار جونية وكسروان".. مناقشة توسيع الأوتوستراد والأوضاع الاقتصادية logo سامي الجميل بذكرى اغتيال غانم: شهادتك حملت حقيقة الوطن logo جابر تسلم تقرير ديوان المحاسبة من 2020 الى 2024 logo توقيف مطلوب يُدير شبكة تصنيع وتوزيع مواد مخدّرة logo اتحاد العائلات البيروتية يطالب سلام بخطة إنقاذ للعاصمة logo "اللبنانية": نلتزم القوانين والقرارات والتعاميم
"بين وهم السلام وإسرائيل الكبرى: حرب وجود لا تنتهي"..(محمد هاني هزيمة)
2025-09-19 13:12:41

في عالم يتظاهر بالسعي إلى السلام، يتوارى خلف الكلمات مشروعٌ أخطر من الحروب... مشروع لا يعلن نفسه بوضوح، لكنه يسكن تفاصيل كل خطوة وكل خريطة وكل توقيعٍ على ورقة بيضاء كُتب عليها "سلام" بمداد الخداع.

نحن لسنا في مواجهة "صراع حدود"، بل في خضم حرب وجود، تريد اقتلاعنا من الذاكرة، من الجغرافيا، من التاريخ، من كل ما يجعلنا "نحن".

إسرائيل الكبرى ليست وهمًا يُخيف البسطاء... بل استراتيجية متكاملة تتحرك بهدوء حينًا، وبعنفٍ مجنون أحيانًا، تستثمر في الحروب حينًا وفي الاتفاقيات حينًا آخر. لكنها لا تتراجع عن الهدف: السيطرة، التوسع، وإلغاء الآخر.

"فوهم السلام" الذي يُباع للعرب منذ عقود، لم يكن سوى غطاءٍ ناعمٍ لمشروعٍ خشنٍ جدًا، دموي في جوهره. وهمٌ تصنعه الدبلوماسية وتغذّيه المفاوضات العقيمة، بينما تُبنى على الأرض مستوطنات تلتهم التراب، ويُهدم ما تبقّى من بيوت الحق، ويُحاصر من يرفض الانحناء.

إنها ليست حرباً تُخاض لأجل الأرض فقط، بل لأجل الملامح والهوية، لأجل الأنا التي يرفض الآخر أن يراها قائمة. حين نقول "حرب وجود"، فنحن لا نبالغ، بل نصف جريمة ممتدة في الزمن.

إنها حربٌ لا تستهدف الجسد وحده، بل الروح، والحلم، والسرديّة التي نروي بها أنفسنا. حربٌ تُخاض بالرصاص وبالأقلام، بالألغام وبالمناهج التعليمية، بالشاشات وبالتقارير الأممية التي تنحاز للجلاد وتُلزم الضحية بالصمت.

من لبنان إلى غزة، من الضاحية إلى جنين، من القدس إلى صنعاء، تُكتب يومياً فصولٌ جديدة من هذه الحرب. ليست كل المعارك بالسلاح، فهناك حصارٌ اقتصادي، وتجويع ممنهج، وحملات تضليل إعلامي، واستباحة لكل ما يرفض أن ينحني.

وفي كل مرة يُرفع فيها شعار "الاستراتيجية الدفاعية"، يُطرح سؤال خبيث: هل نحتاج إلى المقاومة؟ والجواب واضح لمن يريد أن يرى: نحن لا نملك ترف التخلي عن المقاومة، لأن التخلي عنها هو التخلي عن حقّنا في أن نكون.

"السلام" الذي لا يُنصف الدم، هو سلامٌ كاذب. السلام الذي لا يرى الدموع خلف الجدران، ولا يسمع صرخة طفلٍ تحت الركام، هو صفقة، لا سلام. والتطبيع الذي يُبنى فوق العار، لن يكون جسرًا بين الشعوب، بل خيانة معلّبة بشعارات رنانة.

إننا اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بحاجة إلى إعادة تعريف ما نريده: هل نريد البقاء كأرقام تُحصى في تقارير الدول الكبرى؟ أم نريد البقاء كصوتٍ له كرامة، كوجهٍ لا يُنسى، كقضية لا تموت؟ الخيار واضح، حتى وإن كانت التضحيات جسيمة. فالحرية، والكرامة، والسيادة، لا تُهدى... بل تُنتزع، وتُصان، وتُروى بالدماء حين تضيق الحناجر.

في زمن الخرائط الجديدة، لا مساحة للضعفاء. وفي ظل مشروع "إسرائيل الكبرى"، لا مجال للأحلام الصغيرة. إما أن نكون... أو نُمحى.
(محمد هاني هزيمة محلل سياسي وخبير استراتيجي.)




ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBAANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top