يهيمن الحديث عن الإنتخابات النيابيّة المقبلة على ما عداه من أحاديث في السّياسة، في بلد ينام ويستفيق على هذا النوع من الأحاديث، سواء في الأوساط السّياسية أو النخبوية أو الشعبية، حيث يدور الحديث حول نقطتين، هما: هل ستجري الإنتخابات المقبلة في شهر أيّار المقبل بموعدها أم ستتأجل بسبب الخلاف حول إقتراع المغتربين أم ستتأجل لأسباب تقنية ولوجستية؛ وكيف سيكون شكل التحالفات الإنتخابية المقبلة؟

ومع أنّ كلّ نقطة من هاتين النقطتين متعلقة بالأخرى ومرتبطة بها إرتباطاً عضوياً، إذ لا يمكن الحديث عن إجراء الإنتخابات بلا الإنتهاء من التوافق حول قانون الإنتخابات المرتقب، وتحديداً ما يتعلق منه باقتراع المغتربين، وفي ضوء ذلك يمكن الحديث عن شكل التحالفات الإنتخابية المنتظرة، فإنّ بعض ملامح هذه التحالفات قد بدأت تتضح وتظهر بعض معالمها، في انتظار إستكمال رسم مشهدها النهائي في المرحلة المقبلة.

ففي حين يبدو أنّ التحالف بين الثنائي الشّيعي حزب الله وحركة أمل هو الثابت الوحيد بين التحالفات التي يجري الحديث عنها حالياً، وهو التحالف الأطول عمراً والمستمر منذ أول إنتخابات جرت في العام 1992 بعد انتهاء الحرب الأهلية، نظراً لأنّه تحالف سياسي وإنتخابي في آنٍ معاً، فإنّ التحالفات الإنتخابية المرتقبة يغلب عليها التحالف الإنتخابي دون غيره والقائم على مبدأ المصلحة الإنتخابية بالدرجة الأولى.

تكفي متابعة للقاءات والتصريحات والتسريبات التي تصدر عن هذا الطرف أو ذاك حتى يتضح أنّ كلّ حزب أو تيّار أو فريق سياسي أو مرشّح لا يفكر سوى بمصلحته في المقام الأول، وأن يكون أيّ تحالف إنتخابي مرتقب يصبّ لصالحه في الإنتخابات المقبلة ويؤمّن له الفوز قبل أيّ اعتبار آخر.

إنطلاقاً من هذه القاعدة فلن يبدو غريباً أن تجتمع قوى متناقضة سياسياً في لائحة إنتخابية واحدة، وأن تتجاوز الخلافات بينها، سواء السّياسية أو الشّخصية، طالما أنّ هذا التحالف سيؤمّن لها الحاصل الإنتخابي والمقعد أو المقاعد النيابية، ثم بعد إقفال صناديق الإقتراع يتفرّق الجمع ويعود كلّ طرف من حيث أتى سياسياً أو طائفياً أو مذهبياً.

حتى الآن ما يزال الحديث عن تحالفات إنتخابية مرتقبة في طور الدّراسة والبحث عن مساحة ومصلحة مشتركة تجمع هذا الطرف مع ذاك من دون أن يُحسم أيّ تحالف على قاعدة أنّه ما يزال هناك متسعاً من الوقت أمام الجميع للبتّ بهذا الأمر، غير أنّ رئيس التيّار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل أرسل أمس إشارة واضحة إلى أنّ تحالفه مع حزب الله يبدو مرجّحاً بقوّة إنطلاقاً من مصلحة مشتركة للطرفين، وهو ما قاله باسيل من أنّ هكذا تحالف مع الحزب “يحصل بحسب المصلحة ورغبة الآخرين، ولا مانع لدينا من التحالف مع الحزب إذا كان الأمر يفيد الجانبين”.

إستفادة الجانبين من هكذا تحالف إنتخابي لم تعد أمراً خافياً، ذلك أنّ التيّار البرتقالي يجد نفسه بحاجة ماسّة إلى هكذا تحالف لمواجهة خصومه على السّاحة المسيحية وخصوصاً القوات اللبنانية، والحزب بحاجة إلى هكذا تحالف ليبقى قابضاً مع حركة أمل على كامل الحصّة الشّيعية في المجلس النيابي، ومنع حصول أيّ خرق يسعى إليه خصوم الثنائي الشّيعي بكل قوة، إضافة إلى سعي الثنائي والتيّار إلى الفوز، مع بقية الحلفاء الآخرين، بأكثرية المجلس النيابي المقبل تحصنهم شعبياً ونيابياً وسياسياً في المرحلة المقبلة، وهي أكثرية لا يخفي الفريق المقابل سعيه إلى تحقيقها أيضاً بكل ما أوتي من قوّة.

Related Posts

1. الرسالة الاسرائيلية وصلت.. فهل وصلت الرسالة اللبنانية؟!.. غسان ريفي
2. ترحيب سوري بقرار مجلس الأمن رفع اسم الشرع وخطاب من قائمة العقوبات الدولية
3. رجّي: طلبت من "وزراء "الثنائي" تحديد موقفهم من بيان حزب الله

The post التحالفات الإنتخابية بدأت ترتسم.. التيّار والحزب نموذجاً!.. عبدالكافي الصمد appeared first on .