2025- 12 - 02   |   بحث في الموقع  
logo في ظلال زيارة البابا لاوون إلى لبنان.. المسيحيون ضحايا السراب الإسرائيلي!.. وسام مصطفى logo زيارة البابا لاوون إلى لبنان.. الرجاء مولود والسلام مفقود!.. غسان ريفي logo في هذا الموعد.. جوزيف عطية يلتقي جمهوره اللبناني logo البابا: سيزهر لبنان من جديد جميلاً وقويّاً كالأرز logo مأتم رسمي لوالد الياس حنكش في رومية logo مطالبة أميركية بإعادة القنبلة غير المنفجرة بلبنان logo البطريرك الراعي خلال لقاء الشباب مع قداسة البابا في بكركي: حضوركم هو نفحة روح على شعب متعَب وهو فجر جديد لوطن يبحث عن النور logo مقدمات نشرات الأخبار
في ظلال زيارة البابا لاوون إلى لبنان.. المسيحيون ضحايا السراب الإسرائيلي!.. وسام مصطفى
2025-12-02 02:40:47

يكاد لبنان أن يكون من الدول القليلة جداً في العالم التي تشكّل محطة ثابتة ودائمة في جدول الزيارات الرعوية لبابا الفاتيكان، فهذا البلد يعدّ موئلاً رئيسياً لمسيحيي المشرق وسائر أنطاكية – وفق تعريف رأس الكنيسة الكاثوليكية الغربية في لبنان – فضلاً عن ارتباط شق مسيحي آخر فيه بالكنيسة الأرثوذكسية الشرقية، ما يضيف ميزة لموقعه الاستراتيجي صلةَ وصلٍ بين الشرق والغرب، علاوة على التنوّع الثقافي والتعدّد العرقي والديني الذي يمنح لبنان هويته الفريدة في تعايشه الإسلامي – المسيحي، ويجعله يحلّق بجناحيه المسلم والمسيحي على حد تعبير الامام موسى الصدر.


ولكن ما سبق ذكره من ميزات لا يعطي زيارة البابا لاون الرابع عشر أهميتها الخاصة فهي تعبّر عن حقيقة لم تتغيّر أو تتبدّل منذ ما قبل تكوين لبنان الحديث، بل تنبع الأهمية من أنها تأتي في ظرف بالغ الحساسية يمرّ به لبنان والمنطقة برمّتها في ظل التهديد الإسرائيلي بتغيير التاريخ والجغرافيا لما يسمّى “الشرق الأوسط”، وفق آخر ما صرّح به رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو الذي هدّد بحصول “تطوّرات وشيكة غير مسبوقة”، ولئن سلّمنا بأن البابا لا يملك أن يغيّر شيئاً من أجندة الاحتلال والتوسّع الصهيوني في ظل التغطية الشاملة والدعم الأمريكي اللامحدود لسياسة الإرهاب الإسرائيلي، إلا أنّه بفعل دالّته على المسيحيين في لبنان قد يستطيع تهدئة الرؤوس الحامية من اليمين الانعزالي ونصح أصحابها بعدم الرهان على المتغيّرات القادمة حفاظاً على الكيان اللبناني وديمومة استقراره.


سبق للبابا لاون أن استبق حطّ رحاله في بيروت بزيارة تركيا، مع العلم بأن نسبة المسيحيين في هذا البلد تقلّ عن واحد بالمئة، فيما تؤكد مصادر إحصائية أن نسبة المسيحيين بكافة طوائفهم وكنائسهم في لبنان أصبحت تبلغ بالكاد عشرين بالمئة، وعلى الرغم من ذلك فإن انعزاليي اليمين المسيحي ما يزالون يصرّون على اعتماد الخطاب الطائفي والتقسيمي، ويسوّقون لسياسة الإبادة الجماعية بحق شركائهم في الأرض والانتماء الوطني عبر الاستقواء بأعداء الله والإنسان من الذين يضج التاريخ والمرويات والكتب السماوية بذكر جرائمهم ومكائدهم وحقدهم على الأنبياء منذ ابراهيم (ع) حتى النبي محمد (ص)، بما يسيء لرسالة السيد المسيح (ع) الذي قاسى أيضاً مكائد اليهود وعانى أقسى صنوف التعذيب والقهر من أجل نشر كلمة الحق والعدالة وترويج تعاليم المحبة والسلام بين الناس.


ارتأى البابا لاوون أن يعنون زيارته الرعوية للبنان بشعار “طوبى لفاعلي السلام”، والسلام في العرف المسيحي يعني المحبة والتلاقي وتعبيراً عن التسامح والغفران في أمّة واحدة لا تعترف بالحواجز والجدران بين أبناء الله على اختلاف أديانهم ومعتقداتهم، وليس السلام التأليب والتآمر على الأخوة في الإنسانية وخيانة الأمانة والوطن، كما يعني في الوقت نفسه مناصرة الحق وعدم الاستسلام للظلم والباطل بل مواجهة الاستبداد والطغيان، فهل يقبل البابا لاوون تكرار خيانة يهوذا الاسخريوطي لعهده الذي قطعه مع المسيح (ع) مقابل ثلاثين من الفضة!؟ وهل يتحمّل البابا خيانة البعض لعقيدة الولاء للأرض فيواجهون مصيرهم بالتفرّق بسبب عصيانهم ومعاداتهم الوطن وأهله خدمةً للصوص الهيكل وأعداء المسيح (ع)!؟ وكيف تستقيم رسالة المحبة عند هذا البعض فيمدّ يده صاغراً إلى المجرم الذي علّق المسيح (ع) على صليب القهر والعدوان، فيعينه على الظلم ويطلق يده في استباحة الأرض والإنسان في لبنان!؟


إن الانجيل يركّز على حب الوطن كمفهوم روحي طريقاً للثقة بالله وتأسيساً لعلاقة وطريقة عيش ترضي الله، كما يتحدث عن نوعين رئيسيين من المقاومة: المقاومة ضد السلطة الظالمة التي تتناقض مع تعاليم الله. ويشدّد على أهمية الاعتماد على الله للقوة والصمود، كما في الآية: “أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيءٍ فِي الْمَسِيحِ الَّذِي يُقَوِّينِي” (فيلبي 13:4)؛ والمقاومة الروحية ضد الشر، حيث تحث رسالة يعقوب على مقاومة إبليس، مع التأكيد على أن الخضوع لله أولًا هو أساس هذه المقاومة، حيث تقول: “فاخضعوا لله.. قاوموا إبليس فيهرب منكم”. فأين هؤلاء الذين ينادون بالسلام مع القاتل من هذه المناقب!؟ ولو كان المسيح (ع) حاضراً هل يوافق على مسار هؤلاء في تسليم مفاتيح لبنان – أرض الله والمسيح (ع) كما يقولون – إلى من يجاهر علناً بالعدواة للمسيحيين والمسلمين على حد سواء ويعتدي على الكنائس والمساجد في كل مكان!؟ هل يرتضي البابا لهؤلاء الانعزاليين أن يكونوا مثالاً ليهوذا أم مثالاً لشِفْرَة وفُوَّعة، القابلتين اللتين رفضتا أوامر فرعون بقتل الذكور وارتضتا طاعة الله فكانتا سبباً في حياة موسى (ع) واستمرار حبل النبوة!؟ (ورد في سفر الخروج، الإصحاح الأول، الآيتان 20 و21: “فَأَحْسَنَ اللهُ إِلَى الْقَابِلَتَيْنِ، وَنَمَا الشَّعْبُ وَكَثُرُوا جِدًّا. وَكَانَ إِذْ خَافَتِ الْقَابِلَتَانِ اللهَ، أَنَّهُ صَنَعَ لَهُمَا بُيُوتًا”)


حلّ البابا لاوون على لبنان ضيفاً عزيزاً في أرض الرسالات السماوية وفي أكناف بيت المقدس مهبط الأنبياء، وعلى قدر ما لزيارته من امتياز ممنوح لبلد التعايش من أعلى كرسي مسيحي، بقدر ما يدعو للأسف أن هذه الزيارة تحوّلت إلى ميقات حرب على لبنان تروّج له “إسرائيل”، كما يسوّق لذلك البعض ممّن ينتمون إلى كنيسة الفاتيكان، وهذا بحد ذاته انقلاب على التاريخ والمنطق وعلى رسالة المسيح (ع) نفسه؛ وما يعمّق الشعور بالأسف أن هؤلاء لا يعقلون خطورة ما يذهبون إليه ليس على المسلمين فحسب بل على المسيحيين بالدرجة الأولى، فلبنان محكوم بقدره أن يكون واحة للتعايش الإسلامي – المسيحي، ومن الخطأ الجسيم عدم وعي هؤلاء بأن خطابهم الطائفي قد يؤسس لمسار عدائي ضدهم من قبل أتباع الطوائف الأخرى الإسلامية والمسيحية على حد سواء، ليس في لبنان فقط بل في مجمل المنطقة العربية التي لا تشبه لبنان بتنوّعه الديني وتعدّد ثقافاته، ولذلك فالأجدى بمن يستقوي بطغيان أمريكي – إسرائيلي مرحلي أن يراجع نفسه وخطابه ويحدّ من جموحه الغوغائي ويعود إلى مربّعه الوطني، وهذه الدعوة موجّهة للبابا نفسه بأن يعيد هؤلاء إلى جادة الصواب والإيمان بلبنان الحر المستقلّ وعدم الرهان على سراب أمريكا و”إسرائيل”.


 


 


The post في ظلال زيارة البابا لاوون إلى لبنان.. المسيحيون ضحايا السراب الإسرائيلي!.. وسام مصطفى appeared first on .




موقع سفير الشمال الإلكتروني



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBAANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top