2025- 10 - 10   |   بحث في الموقع  
logo لقاء ثنائي بين وزيري خارجية لبنان وسوريا logo حاكم مصرف لبنان زار ضريح القديس شربل في عنايا logo مكي: إعادة تكوين الإدارات العامة بحلول 2030 logo صدور تقرير أيلول 2025 عن العنف الأسري logo تعليق عمل المجلس الأعلى اللبناني السوري logo الشيباني ووفد سوري في بيروت logo بسبب استهداف الصحافيين.. "العدل" تدرس مقاضاة إسرائيل logo مروان حمادة: مرحلة الوعي بدأت
لماذا يصرّ البعض على إشعال الفتنة في لبنان!.. وسام مصطفى
2025-10-10 05:00:14

“والفتنة أشد من القتل”.. هذا ليس قولاً مأثوراً أو حادثة ذهب بها الأولون مثلاً بل واقعاً مريراً يتجدّد اليوم في لبنان في أثواب بغيضة قولاً وفعلاً، وعلى ألسنة شخصيات وهيئات وأحزاب ترفع لواء السيادة ظاهراً، ولكنها لا تترك سبيلاً للفتنة الداخلية إلا وتسلكه في حملة ممنهجة وموزّعة وفق أدوار مرسومة، واللافت أن هناك ممن يتأبط شر الفتنة من يفترض حمله لصفات السماحة والفضيلة والقول الحسن والدعوة إلى الله والتقوى وإصلاح ذات البين، ولكن – لسبب ما – اتّخذ طريق التأليب والتأنيب ونكء مثالب الطائفية والمذهبية والتجوال في الزوايا التي يظن أنه يستطيع فيها إشعال نار الضغينة والصدام، حتى لو كلّفه ذلك إراقة ماء وجهه والتقليل من قدره وتصنيف نفسه في مقام الكاذبين.


لطالما تغنّى الكتاب والأدباء والشعراء والمؤرخون بلبنان وطناً للتلاقي والعيش المشترك، وأنموذجاً فريداً في التنوّع الديني والفكري، وساحة رحبة تمتزج فيها الحضارات والثقافات من الشرق والغرب، وهي سمات جعلت من هذا البلد الصغير – إلى جانب مميزاته التاريخية والجغرافية وتراثه الحضاري وموقعه الاستراتيجي – قبلةً لحجّ الناس من أقاصي الأرض، ومنهم من قصده طمعاً فيه وآخرون جاؤوه لمد الجسور كدأب الأمم التي تنشد التطوّر والازدهار والتماهي في الاندماج الحداثي الراقي، ولكن ظهر من خلال تتبّع الظواهر والآثار أن الفئة الطامعة والجامحة نحو التخريب وضرب الاستقرار قد نجحت في تجنيد عناصر لها داخل لبنان ارتضت أن تكون مطيّة لإشاعة الخطاب العنصري والترويج لعودة الاقتتال الطائفي داخل أبناء الصف الواحد، في حين أن هناك من ينادي بالتلاقي والحوار والاتفاق على النقاط المشتركة وإزاحة نقاط الخلاف سعياً لجمع أشلاء البلد الذي تمعن آلة الحرب الأمريكية – الإسرائيلية في تمزيقه وتفتيت كيانه.


على أن الأخطر في ظاهرة تجدّد خطاب الفتنة هو إلباسه في بعض جوانبه بلبوس القانون والقرارات الرسمية و”القواعد المرعية الإجراء”، والتلطّي خلف شعارات “بناء الدولة” و”فرض النظام”، وكأن أحداً في لبنان لا يريد لهذه الدولة أن تحسم أمرها وتستعيد هيبتها وتمارس دورها الناظم في خدمة الناس وتكريس العدالة الاجتماعية بين أبنائها!! والجامع المشترك في خيوط هذه الظاهرة أنها تستهدف شريحة محدّدة من المجتمع اللبناني في سعي دائب لإظهارها في الموقع الشاذ والناتئ ضمن منظومة الدولة في حين أن هذه الشريحة قدّمت وما تزال الكثير من التضحيات من أبنائها وأرزاقها وطاقاتها في سبيل منعة لبنان وحمايته من الأخطار الخارجية التي تتهدّده بالاحتلال والقضم والضم ونهب الثروات والخيرات، وهي أخطار لم تعد خافية على أحد وجاهر بها المسؤولون الأمريكيون والإسرائيليون بكل وقاحة وصفاقة، تارة تحت عنوان تغيير حدود سايكس – بيكو وتارة تحت عنوان “إسرائيل الكبرى”.


وفي هذا السياق، نبّهت أوساط مطّلعة إلى خطورة استفحال هذا الخطاب وانعكاسه على الاستقرار الداخلي، خصوصاً أن لبنان قادم على استحقاقات كثيرة وتحدّيات جسيمة في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان والتسريبات الإعلامية التي تتحدث بين الفينة والأخرى عن إمكان إقدام العدو على رفع مستوى اعتداءاته وتوسيع دائرة احتلاله للجنوب وصولاً إلى الأولي، ولئن وضعت هذه الأوساط هذه الأجواء في خانة التهويل الهادف إلى إدامة حال الاهتزاز في الداخل وإبقاء البلد في وضع غير مستقر إلا أنها لم تستبعد أن يلجأ العدو إلى خطوات تصعيدية تسهم في إطباق الحصار على المقاومة بحيث تصبح بين مطرقة العدوان وسندان الضغط الداخلي وصولاً إلى تصوير مقولة نزع سلاح المقاومة على أنها مطلب شعبي يضاف إلى الضغط السياسي الذي تمارسه حكومة نواف سلام في هذا السياق.


وتضع الأوساط المطّلعة حادثة “صخرة الروشة” وقضية جمعية “رسالات” وما أثاره الشيخ حسن مرعب في صيدا مؤخراً في خانة تسعير الموقف ضد المقاومة بالتوازي مع التصعيد الميداني الذي تمارسه قوات الاحتلال في لبنان عموماً من قصف وغارات واغتيالات وفي الجنوب خصوصاً إلى درجة أن العدو وضع شروطاً قاسية لثني أهالي القرى عن جني محاصيلهم، وفي المقابل أبدت استغرابها من الجرأة التي يبديها نشطاء وإعلاميون وسياسيون لبنانيون في تبنّيهم للخطاب الفتنوي والتقسيمي الذي يسوّق له المحور الأمريكي – الإسرائيلي غير عابئين بالارتدادات السلبية التي قد تأخذ بالوضع إلى مآلات خطيرة تحبط مساعي العهد الجديد في بناء الدولة اللبنانية المنشودة.


ولا تفصل الأوساط كل ما يجري عن الخطوات التي بدأت تنطلق استعداداً لخوض استحقاق الانتخابات النيابية في أيار من العام المقبل، حيث يراهن البعض على أن النجاح في حصار المقاومة ونزع سلاحها وعزلها عن بيئتها سيقود إلى إضعاف موقعها في التمثيل النيابي وبالتالي الوزاري مقابل تقوية خصومها ممّن يمهّدون الأجواء الداخلية للانخراط في مسار التسوية الشاملة والتطبيع مع العدو، بما يجعل لبنان ساحة مفتوحة أمام الاستباحة الأمريكية والإسرائيلية، وأوضحت أن السلاح الأمضى لدى العدو يتمثّل اليوم في إعادة لبنان إلى أجواء الحرب الأهلية ونثر بذور الفتنة المذهبية والطائفية وتصوير الشيعة خصوصاً على أنهم فئة منبوذة اجتماعياً طالما أنهم يتبنّون خيار المقاومة ويؤمنون لها الحماية والحصانة، وهذا ما يفسّر استنفار بعض الوجوه المحسوبة على الطائفة لتقديم أنفسهم على أنهم الخيار البديل الحائز على بركة واشنطن.. و”إسرائيل”.


لقد أثبتت التجارب منذ أن اكتسب لبنان اسمه وهويته حتى اليوم أن إثارة الفتن مسعىً لا يدوم، وإذا ما نجح هذا المسعى في فترة زمنية معينة في فرض الاقتتال الداخلي وبناء الجدران بين أبناء الوطن الواحد سواء في الحرب الأهلية أو ما بعد الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، إلا أن الرهان يبقى على الحكماء من اللبنانيين وبعض العرب الذين غالباً ما يبادرون إلى وقف عجلة التدهور والحدّ من انحدار الأمور معرفةً منهم بأن هذه الفتنة لن تؤدي إلى غلبة فئة على فئة ولا إلى تغيير هوية لبنان وكيانه الجامع بل ستأخذ بالبلد كلّه إلى الانهيار وهذا ما لا يريده أحد من العقلاء باستثناء أمريكا و”إسرائيل” وأتباعهما في الداخل.


موقع سفير الشمال الإلكتروني






ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBAANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top