في زمنٍ باتت فيه المنصات الرقمية مساحة مفتوحة للتعبير والتفاعل، تحوّلت بعض وسائل التواصل الاجتماعي إلى ساحة جديدة من ساحات الحرب الاستخباراتية، حيث يتمّ تجنيد العملاء بأساليب ناعمة وذكية تتخفّى خلف الشعارات الإنسانية أو الفرص المهنية أو حتى العلاقات الشخصية.
تعتمد الجهات الاستخباراتية، في كثير من الأحيان، على دراسة دقيقة لملفات المستخدمين، اهتماماتهم، ومواقفهم السياسية أو الاجتماعية بالاضافة الى احوالهم المادية وصولاً الى تحديد الفئات القابلة للتجنيد والعمل لديها سواء عبر اغرائها بالمال او غيره من وسائل الترغيب، حيث يبدأ الامر غالباً بتواصل عادي عبر حسابات تبدو حقيقية، تُبنى خلالها علاقة ثقة تدريجية، قبل الانتقال إلى مرحلة استدراج المعلومات أو الإغراء المادي تحت غطاء التعاون الإعلامي أو العمل التطوعي أو البحث الأكاديمي او عبر تقديم فرص عمل برواتب مرتفعة من المنازل.
وتكشف تقارير أمنية أن هذه العمليات لم تعد تستهدف فقط الشخصيات الحساسة، بل تشمل أيضاً طلاباً، ناشطين، موظفين في الإدارات العامة، وصحافيين، في محاولة لجمع أكبر قدر ممكن من البيانات والمعلومات الميدانية احياناً من دون علم المتورط واحياناً اخرى بعلمه وارادته، وقد كشفت بالامس وكالة فرانس برس ان هناك ٣٢ موقوفاً في لبنان بشبهة التجسس.
يُعدّ هذا النوع من التجنيد الأخطر لأنه يتسلل من دون سلاح ولا تهديد مباشر، مستفيداً من ثغرات الثقة وسهولة التواصل في الفضاء الرقمي والوضع المادي للاشخاص المنوي تجنيدهم.
في هذا الاطار يؤكد مسؤول امني معلوماتي ل ان “الوعي هو العنصر الاهم لعدم التورط لذا تصدر القوى الامنية نشرات دورية تحذر فيها من منصات مشبوهة ومن حسابات وهمية على وسائل التواصل الاجتماعي”، داعياً الاشخاص الذين تردهم رسائل نصية على هواتفهم او عبر وسائل التواصل الاجتماعي الى “الحذر وعدم مشاركة تفاصيلهم الشخصية مع غرباء، والتحقق من هوية من يتواصل معهم، والإبلاغ عن أي محاولات مشبوهة”، معتبراً أن “هناك معارك تُخاض في الميدان ومعارك ربما اخطر تدار من خلف الشاشات عبر شبكات استخباراتية منظمة وتمتلك احدث الاجهزة التكنولوجية والقدرة المادية لاغراء من تشعر بأن نسبة امكانية توريطه مقبولة، وبالتالي يبدأ الذكاء الاصطناعي التفتيش في محادثاته وملفاته لايجاد ثغرة يمكن من خلالها العمل على ترغيبه او ترهيبه”.
يقول الخبير الامني ان معظم المتورطين كانت وسيلة تجنيدهم وسائل التواصل لذا يجب الانتباه والتدقيق وعدم الانجرار لقبول صداقات تحمل اي شبهات.
موقع سفير الشمال الإلكتروني