شكّل الإعلان المشترك لوزارتيّ الدّاخلية والبلديات والخارجية والمغتربين، الذي صدر يوم أمس، وجرى فيه تحديد “2 تشرين الأول 2025 تاريخ البدء بتسجيل اللبنانيين غير المقيمين على الأراضي اللبنانية للمشاركة في الإنتخابات النيابية المقبلة، على أن تنتهي المهلة في 20 تشرين الثاني من العام 2025″، إشارة عملية إلى أنّ إستحقاق إنتخابات أيّار العام 2026 قد سلك طريقه إجرائياً.
وجاء هذا الإعلان عكس مجرى الأمور بعد تطيير نصاب جلسة مجلس النوّاب أول من أمس الإثنين وعدم تأمين نصابها للإنعقاد أمس، بسبب خلاف على طلب حزبيّ الكتائب والقوات اللبنانية والحزب التقدمي الإشتراكي ونواب تغييريين بإدراج بند طرح تعديل قانون الإنتخاب في الجلسة، من خارج جدول الأعمال، رغم وجود لجنة فرعية تناقش كلّ قوانين الإنتخابات برئاسة نائب رئيس المجلس إلياس بو صعب، ويشارك فيها جميع الكتل ومن ضمنها كتلة نوّاب القوات، التي أصرت وحلفائها على انتقاء إقتراح قانون واحد من أصل ثمانية إقتراحات من اللجنة وتحويله إلى الهيئة العامة، من دون سواه، ومن دون أيّ نقاش حوله.
وليس خافياً أنّ الخلاف حول صيغة إقتراع المغتربين هي السّبب الرئيسي وراء تطيير جلستي المجلس، أمس وأوّل من أمس، بين من يتمسك بمنح المغتربين ستّة مقاعد نيابية موزّعين على القارات الستّ يرفع بموجبه عدد أعضاء المجلس إلى 134، وفق ما ينصّ القانون السّاري 44 / 2107 بكل مواده، بما فيها إقتراع المغتربين للمقاعد الستّة فقط، والذي يتمسك به كلّ من ثنائي حزب الله وحركة أمل والتيّار الوطني الحرّ وتيّار المردة ومستقلين آخرين، بينما يطالب تحالف القوات والكتائب والإشتراكي والتغييريون أن يقترع المغتربون للنوّاب الـ 128 كما كان الحال في انتخابات 2018، وهو مطلب لن يتحقق إلّا إذا عُدّل قانون الإنتخابات، كون إقتراع المغتربين كما حصل في استحقاق 2022 كان لمرة واحدة كما ورد في متن قانون الإنتخابات حينها.
هذه الهوّة الواسعة بين الفريقين حول مقاربتهما قانون الإنتخابات واستحقاق أيّار العام 2026 يعود إلى أنّ كلّاً منهما يريد قانوناً إنتخابياً يناسبه. فالفريق الأول (الثنائي وحلفاءه) يرى أن اقتصار إقتراع المغتربين على ستّة نوّاب فقط في بلاد الإغتراب يُؤمّن تكافؤاً ومساواة في الفرص أمامهم، بسبب حظر وتضييق تفرضه دول عدّة على أيّ نشاط حزبي أو إنتخابي له أو لمرشحيه، عكس الفريق الثاني (القوّات وحلفائها) الذي يحظى بدعم خارجي واسع لم يعد مجهولاً بهدف “القبض” على الأكثرية في مجلس النوّاب المقبل، خصوصاً بعدما أمّن إقتراع المغتربين للنوّاب الـ128 استحقاق العام 2022 الفوز بستة مقاعد نيابية على حساب الفريق الأول بفضل أصواتهم، وهو عدد يطمحون إلى زيادة غلّته في الإنتخابات المقبلة.
ما سبق يعني أنّ شدّ الحبال سيشتد أكثر في الأشهر المقبلة بين مختلف القوى السّياسية والمرشّحين للإنتخابات النيابية، بعدما بات إجراء الإنتخابات أمراً واقعاً، بعد دعوة كلّ من وزارتي الداخلية والخارجية أمس المغتربين لتسجيل أسمائهم في السّفارات اللبنانية، إلا إذا حصل تطور خطير ما أو ضغط خارجي دفع باتجاه تأجيل الإنتخابات، ما يعني أنّ سقف المواقف السّياسية والتراشق الكلامي وتبادل الإتهامات بين الطرفين سيرتفع خلال الفترة المقبلة، ويجعل السّاحة المحلية “حلبة جنون” إنتخابي لم تعرف مثيلاً له من قبل.
موقع سفير الشمال الإلكتروني