يمنى شري إعلامية لبنانية حققت ما عجز عنه غيرها من شهرة جماهيرية واشكالية وحسد وغيرة ونجاح وفشل، كتبت في وسائل إعلامية كثيرة، وقدمت برامج في الإذاعة والتلفزيون وعلى خشبات مسارح المهرجانات الكبيرة، ومثلت، وغنت...من منا لا يعرفها في لبنان، وفي العالم العربي ممن لا يعيش عقدة التخلف المحلي!
الصديقة يمنى شري غيبها الموت، وفجأة حضرت داخل الذاكرة وبقوة...
عرفتها في لبنان عبر قناة "المستقبل" أول وجه ظهر على هذه المحطة، مشاغبة، ضاحكة، ومبتسمة، وشغوفة، وكثيرة الكلام، وأم عجقة، ونشيطة، ومتوهجة، وسرعة بديهيتها تحسد عليها...وتصادقنا.
يمنى شري .. هي حاضرة في كل المناسبات، في الفن والثقافة وحتى في الرأي السياسي، ولا تخجل في إعطاء رأيها، والأهم محبة حتى مع من تعرف بطعناته وغيرته وحقده عليها!
نعم ..التقينا كثيراً، وتحدثنا أكثر، واستمعت لملاحظاتي باحترام، وذات لقاء طلبت مني إعطاء ملاحظاتي حولها، وقلت:" أنت صاحبة أكبر رقم بكثرة الكلام خلال تقديم برامجك، والغريب الناس والضيف والمتابع والمشاهد يتقبل منك هذا، ولا يتقبله من غيرك!"!
يومها، ضحكت عالياً، واردفت قائلة:"هذا أنا..ولكنك ظلمتني فأنا اقدم مادة دسمة ومسؤولة، ولست عبيطة"!
نعم، يمنى ليست عبيطة، وليست ثرثاره، بل تملئ اللحظة، وهذا ما تحبة، ولا تؤمن بفراغات اللحظة!
أطول مدة التقيتها، وأصبحنا من الأهل بعد أن كنا من الأصدقاء، كانت في الدولة الغالية الكويت حيث كنت أعمل هناك في جريدة "القبس" وجريدة "الرأي العام"، وضمن فريق انطلاق " هلا فبراير"...كانت الكويت آنذاك كتلة من الفرح بمناسبة مهرجانات التحرير، وبالتحديد مهرجان "هلا فبراير"...حضرت كل الفضائيات اللبنانية والعربية، وكان لمساهمات الفضائيات اللبنانية السبق في الانتشار والنجاح والتميز بتغطية هذا الحدث وإنجاحه، لا بل الكل قلدهم، إلا أن يمنى شري كانت الأكثر تألقاً وشعبية ونجاحاً، ولا نبالغ إن قلنا أن فقرات يمنى كانت تستقطب ألاف الناس من المواطنين والمقيمين في الكويت، وأعطت انتشاراً واسعاً لقناة "المستقبل: في تغطية المهرجان المذكور، وأطلق عليها لقب " هلا يمنى"، ووضعت هذه الجملة على واجهات المحلات، وطبعت على التيشرتات وعلى القبعات، نعم جملة "هلا يمنى" أصبحت ماركة في الكويت، وشعاراً يتناقل بفرح دون منازع!
حاولوا تقليد يمنى بجماهيريتها هناك، واستقطبوا زملاء غيرها ولم ينجح غيرها ومثلها، ونافسوها بزميلها ميشال قزي "الك"، كان يومها أشهر الإعلاميين العرب، نعم نجح في الكويت، ولكن لم يشكل ظاهرة كما حال يمنى شري في مهرجان "هلا فبراير الكويت"!
أذكر هذه الحالة للدلالة على النجاح الذي حققته يمنى شري كإعلامية، ولذلك أكثروا من حولها النميمة، والمفردات الحيوانية، والثرثرة..كله ينبع من الغيرة والحسد!
فجأة، والشمعة تذوب، خف وهج يمنى إعلامياً، وتنقلت من وسيلة إعلامية إلى ثانية، حققت نجاحات، ولم يصل نجاحها إلى ما حققته في "المستقبل" وعلينا أن نعترف أن يمنى شري برعت في البرامج الحوارية قبل غيرها وأكثر من أبناء جيلها، لها إسلوبها السهل المدعوم بثقافة عالية، ولها ضحكتها المعهودة، وعجقة حركة جسدها ولسانها، وقد تكون الإعلامية الوحيدة التي أحبها وقدرها كل من حاورتهم!
تنتمي يمنى شري إلى جيل شبابي شغوف تعلم الإعلام، وتعرف على الإعلام جراء من سبقه من إعلاميين مخضرمين، جيلها حقق نجاحات لظهوره السريع بعد انتهاء الحرب الأهلية في لبنان، وكان الترفيه آنذاك هو المطلوب مع قليل من الثقافة، وتميزت بحضورها الربيعي، وترافقها نبتة "دوار الشمس أو ميال الشمس " في كل برامجها لا بل ارتدتها تاجاً على رأسها، وزينت ديكور فقرات برامجها!
اشتغلت بالتمثيل، وغنت، وظلت أمينة على الإعلام، نزلت الشارع لتغطية حروب ومجازر إسرائيل ونجحت بإيصال الصوت، هنا كانت هي الشارع والصرخة!
لم تتغير رغم ما حققته من نجاح، واستمرت في كل ظروفها صديقة وفية، وحينما تتصل أو تلتقيها بعد غياب وسنوات تشعرك أن الأمس هو اللحظة، هي هي في النجاح، وهي هي في الحضور العادي ما بعد وهج النجاح، وهي هي المتوهجة والمتدفقة والمبتسمة والجنوبية المتعصبة واللبنانية الفخورة والصديقة الدائمة مهما ابتعدنا .. هي إعلامية نجمة إسمها يمنى شري ( 1970_ 18 أيلول 2025)!