عاد إستحقاق الإنتخابات النيابية المرتقبة ربيع العام المقبل ليتصدر المشهد على السّاحة السياسية، برغم الإستحقاقات والتطورات الكثيرة التي طرأت مؤخراً في لبنان والمنطقة على أكثر من صعيد، في ضوء ما شهدته جلسة مجلس الوزراء التي عقدت أمس في السراي الحكومي الكبير برئاسة الرئيس نواف سلام.
فقد أعادت الحكومة ملف الإنتخابات إلى المجلس النيابي بعدما كانت اللجنة النيابية الفرعية المنبثقة عن اللجان النيابية المشتركة والمُكلفة درس إقتراحات القوانين المتعلقة بالإنتخابات النيابية، التي انعقدت في 10 أيلول الجاري، قد رمت هذا الملف في حضن الحكومة، في ضوء التجاذبات السياسية حول الإنتخابات، في تطور بدا وكأنّ كلّ طرف ـ الحكومة والمجلس ـ يحاول نفض يديه من الإستحقاق الإنتخابي، ورمي تبعاته على الطرف الآخر.
فجلسة الحكومة أمس شهدت سجالات أفضى إحداها إلى انسحاب وزير العدل عادل نصّار (ممثل حزب الكتائب) من الجلسة نتيجة تباين في المواقف مع رئيس الحكومة حول ملف إنتخابات المغتربين، بعدما اقترح نصّار إرسال مشروع قانون إلى المجلس النيابي ينصّ على انتخاب المغتربين للمقاعد الـ128، لكنّ سلام رفض متابعة النقاش في الموضوع، بعدما أقرّ مجلس الوزراء “عدم القدرة على اقتراع المغتربين، وعدم القدرة على إصدار البطاقة الممغنطة”.
ما دار داخل الجلسة كشفه وزير الإعلام بول مرقص في ختامها عندما أعلن أنّ مجلس الوزراء وافق “على تكليف وزير الداخلية أحمد الحجّار إطلاع اللجان النيابية المشتركة (على قرار الحكومة) من أجل تصحيح العيوب في قانون الإنتخاب الحالي، أو استدراك النواقص في أيّ قانون جديد يرعى العملية الإنتخابية”، بالرغم من أنّ سلام وفق وزير الإعلام “توقف عند ضرورة تمكين غير المقيمين من التعبير عن قناعاتهم الإنتخابية بأسهل الطرق، ما يضمن تمثيل فئات المجتمع”.
ما سبق يعني أنّ الكرة باتت في مجلس النوّاب سواء لـ”تصحيح العيوب” أو “استدراك النواقص” في قانون الإنتخابات الحالي، ما يفتح الباب واسعاً أمام سجالات لن تنتهي في وقت قريب، ويُشرّع الأبواب أمام اقتراحات قوانين إنتخابية مختلفة قد يعرف المجلس والحكومة معاً أين تبدأ لكن لا أحد يعرف أين تنتهي، في ضوء إنقسام سياسي عمودي لن يؤدي إلا إلى مزيد من التوتر، ما سيجعل مصير الإستحقاق الإنتخابي مجهولاً، برغم تأكيد وزير الداخلية بعد جلسة الحكومة أنّ “الإنتخابات النيابية ستجري في موعدها في شهر أيّار من العام المقبل”.
عدم الإطمئنان وتوجّس أكثر من طرف من أن يكون تبادل قذف كرة الإستحقاق الإنتخابي بين الحكومة والمجلس النيابي ليس سوى “مضيعة للوقت”، خصوصاً أنّ الفترة الزمنية حتى موعد الإنتخابات هي نحو 7 أشهر، وهي مدة لا تبدو كافية أبداً لإنجاز التعديلات التشريعية المطلوبة على قانون الإنتخابات، وإنهاء وزارة الداخلية الإستعدادات اللوجستية المطلوبة منها، ما سيجعل تأجيل الإستحقاق النيابي ـ عندها ـ أمراً لا مفرّ منه.
موقع سفير الشمال الإلكتروني