تقف حكومة الرئيس نوّاف سلام في موقع لا تحسد عليه، من قبل الحلفاء والخصوم على حدّ سواء، خصوصاً بعد جلستي 5 و7 آب الماضي اللتين أقرت فيهما نزع سلاح حزب الله وحلفائه والفصائل الفلسطينية وحصر السّلاح بيد الجيش اللبناني، وقبل يومين من جلسة 5 أيلول الجاري المرتقبة بعد غد الجمعة، للإطلاع على الخطّة التي وضعها الجيش لهذه الغاية وإعطاء إذن المباشرة بتنفيذها.
فقبل 48 ساعة من موعد جلسة الحكومة رُسمت سيناريوهات عدّة لما ستسفر عنه من مقرّرات، ولما سيدور فيه من نقاشات حول خطّة الجيش في نزع السّلاح، وهل أنّ تلك الجلسة ستمرّ بهدوء وستتم معالجة الموضوع بدون ضوضاء وبلا تشنّج، ولن تكون لها تداعيات سياسية وأمنية، وأنّ جميع الوزراء سوف يشاركون فيها ولن يغيب عنها أحد، كما أنّ أحداً لن ينسحب منها إعتراضاً، أم أنّ الإحتقان السّياسي المتصاعد سيدفع البلاد نحو مزيد من الإنقسام وتعميقه وصولاً إلى التصادم.
فبعد الزيارة الخامسة للموفد الأميركي إلى لبنان توم برّاك ووفد من أعضاء الكونغرس الأميركي إلى بيروت، في 26 آب الماضي، والفشل الذي مُنيت به نتيجة عدم قدرتهم على الإلتزام بأيّ من الوعود التي أعطوها للطرف اللبناني في زيارات سابقة حول التزام إسرائيل ببنود قرار وقف إطلاق النّار والقرار الدولي 1701، كما قال رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، خرجت أصوات عدّة في الداخل تدعو إلى سحب لبنان تأييده لما اتفق عليه سابقاً، وكذلك تجميد موافقة الحكومة على أهداف الورقة الأميركية، بما أنّ إسرائيل لم تلتزم بأيّ منهما، كما أنّ الطرف الأميركي نفض يديه من أيّ ضمانات في هذا السّياق.
هذا الإحتقان حاول برّي أن يخرقه بدعوته إلى حوار وطني لمناقشة موضوع السّلاح ووضع إستراتيجية دفاعية لحماية لبنان من الأخطار المحدقة به، لكنّ رفض أكثر من فريق هذه الدعوة وسط خطاب تحريضي، وتحفّظ وصمت آخرين عليها، أبقى الأمور على حالها من التوتر والإنقسام، بانتظار مساعي اللحظات الأخيرة، علّها تسفر عن إيجاد مخرج يُعالج المشكلة، أو على أقل تقدير يُؤجّل إنفجارها.
وكشفت مواقف وتسريبات مختلفة عن أنّ مصير جلسة الحكومة المقبلة مُرجّح بين احتمالات عدّة، أبرزها: أولاً تأجيل مناقشة خطّة الجيش، وثانياً مناقشتها على مراحل بما يُفسح المجال أمام معالجة هادئة، وثالثاً عدم إعطاء أيّ موعد زمني لتنفيذ الخطّة إلى حين توافر ظروف أفضل تجنّب البلاد أيّ خضّات.
لكنّ الإحتمال الأخير الذي يبدو الأخطر يدور حول ضغط متبادل من قبل الثنائي الشّيعي، حزب الله وحركة أمل من جهة، وحزبي القوات اللبنانية والكتائب من جهة أخرى، فالفريق الأوّل يُلمّح إلى الإنسحاب من الجلسة والحكومة معاً في حال الإصرار على مناقشة الخطّة وتنفيذها، والفريق الآخر يُهدّد بالمثل أيضاً في حال لم تقم الحكومة بالمباشرة بتنفيذ الخطة، في ظلّ إنقسام عمودي لا يُهدّد حكومة سلام فقط إنّما يُهدّد البلاد كلّها ويضعها على شفير الهاوية.
موقع سفير الشمال الإلكتروني