2025- 08 - 27   |   بحث في الموقع  
logo مع اقتراب موسم الأمطار.. "اليازا" تُحذر logo الذكاء الاصطناعي يلتقي الصناعة في لبنان: خطة للتحوّل والتصدير والنمو المستدام logo بالفيديو: براك في مرجعيون logo برّاك وصل إلى مرجعيون… الجيش ينتشر ودعوات للتظاهر logo وفد سوري في لبنان غداً logo تعطل سيارة على اوتوستراد المتن السريع logo زفاف يتحول إلى ساحة معركة.. 3 جرحى في إشكال شكا logo "الداخلية": عيد الأمن العام مناسبة للفخر بالمؤسسة وأبنائها
من بشير إلى سمير.. مشروع دويلة مسيحية برؤية إسرائيلية!.. وسام مصطفى
2025-08-27 04:53:36

حدّد بنيامين نتنياهو برنامج عمل حكومة نواف سلام في المرحلة المقبلة بعدما نجحت في الاختبار الأول بإصدار قرار حصرية السلاح “البالغ الأهمية” حسب تعبيره بانتظار الخطوات اللاحقة التي تتابع واشنطن تنفيذها عبر ثنائي المصالح توم براك ومورغان أورتاغوس في كل من بيروت وتل أبيب، وفي مقدمتها “التعاون (الإسرائيلي) مع الحكومة اللبنانية لنزع سلاح حزب الله والعمل معاً من أجل مستقبل أكثر أماناً”، أي تجريد لبنان من عوامل قوته السياسية والعسكرية على امتداد الجغرافيا اللبنانية وفق برنامج زمني محدّد، وإعادة بناء دولة خاضعة للوصاية الأمريكية، ومن ثم تولّي الجيش اللبناني مهمة ضبط الوضع كشرطة أمن داخلي وليس للتصدي للعدو بحسب الخط المرسوم أميركياً.


أما في الداخل فتتولى “قوات جعجع” والشخصيات والجهات التي تدور في الفلك الأمريكي – الإسرائيلي مهمة التسويق لـ “لبنان الجديد” واستعادة خطاب الشراكة اللبنانية – الإسرائيلية الذي كان سائداً منذ خمسينيات القرن الماضي وتقديم “إسرائيل” على أنها كيان منسجم مع هوية لبنان وموقعه الجيوسياسي في المنطقة، خصوصاً أن الموانع التي كانت تحول دون تذويب البلد في المدى التوسّعي الإسرائيلي تحت مظلة “الصراع العربي – الصهيوني” ونصرة القضية الفلسطينية والقرار الجامع قد سقطت اليوم، وتحوّلت إلى شبه إجماع عربي على الركوب في قطار التطبيع، ولا ينقص سوى تعديل العقيدة الوطنية وشطب بند العداوة لـ”إسرائيل” من قاموس السياسة اللبنانية واستبدالها بتعبير الحليف أو الجار أو الصديق بل الشريك في أخذ لبنان نحو الأمن والازدهار!!


في هذا السياق تلفت أوساط مراقبة إلى متابعة تشكّل المشهد السياسي المستجد، والذي يستعيد في تفاصيله ملامح المشروع الذي أريد تفصيله على قياس لبنان بموازاة إرهاصات تشكيل “إسرائيل” قبل العام 1948 وبعده، حيث كان العنصر الإسرائيلي حاضراً ومتدخّلاً في مفاصل السياسة اللبنانية بشكل مباشر وبدون وسيط أمريكي أو أوروبي؛ ودعت الأوساط إلى مراجعة التاريخ القريب ورصد محطات التواصل الإسرائيلي مع بعض الجهات اللبنانية قبل العام 1982 لاستخدامها أداةً لضرب الفئات الأخرى التي تشكّل النسيج الوطني اللبناني؛ وحزب الكتائب الذي أسّسه بيار الجميل عام 1936 كياناً مسيحياً يمينياً على الطراز الأوروبي مثال واقعي على هذا النهج، حيث كان السبّاق إلى طلب المساعدة من “إسرائيل” في العام 1951 لتمويل حملته للانتخابات النيابية، وقدّم وزير خارجية العدو آنذاك موشيه شاريت للكتائب مبلغ 3000 دولار أمريكي، على الرغم من عدم ثقته بفوز مرشحي الحزب في الانتخابات.


حرص اليمينيون في لبنان على تقديم أنفسهم نموذجاً ليبرالياً حليفاً للغرب ومتّسقاً مع النهج الإسرائيلي ومنفصلاً عن البوتقة العربية، ففي العام 1958 عارض رئيس الجمهورية كميل شمعون تأسيس الجمهورية العربية المتحدة (الوحدة بين مصر وسوريا) التي بادر إليها الرئيس جمال عبد الناصر، وسعى إلى إبقاء لبنان وديعة غربية بمنأى عن التورّط في الصراع العربي – الصهيوني رافضاً أي مواجهة مع “إسرائيل”، واتهم شمعون عبد الناصر بتحريض المعارضة الوطنية وتقديم السلاح لها للإطاحة بحكومته، فذهب إلى الاتجاه المعاكس وسارع إلى طلب المساعدة والسلاح من الولايات المتحدة و”إسرائيل” لتدعيم حكمه، فأرسلت واشنطن قوات المارينز إلى بيروت، فيما أمدّه قائد الجبهة الشمالية في جيش الاحتلال آنذاك إسحق رابين بـ 500 بندقية هجومية.. وفي العام 1969 عارض حزب الكتائب اتفاق القاهرة الذي شرّع العمليات العسكرية للمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي انطلاقاً من جنوب لبنان، وتبنّى السردية الإسرائيلية التي روجت لمقولة “فتح لاند” في إشارة إلى تحويل لبنان قاعدة فلسطينية في مواجهة “إسرائيل”.


لم تكن الأحزاب المسيحية اليمينية في أي مرحلة من عمر لبنان على طرف نقيض مع العدو بل كانت وما تزال تعدّ نفسها المطرقة الإسرائيلية في الداخل، وتجلّى ذلك بشكل مباشر في تسبّبها باندلاع الحرب الأهلية بعد استهداف الكتائب لـ “بوسطة عين الرمانة” في 13 نيسان 1975 والتي مهّدت لاجتياحي العامين 1978 و1982 من خلال إرساء واقع الانقسام العامودي في البلد بين خط وطني عروبي يناصر القضية الفلسطينية وبين خط انعزالي ذي نزعة غربية عمل وما يزال لوضع لبنان تحت الوصاية الخارجية..


آنذاك تولّى العدو إمداد الميليشيات المسيحية بالسلاح الخفيف والمتوسط بناءً على طلب مباشر من كميل شمعون، وتولّى بشير الجميل مهمة توظيف السلاح في الحرب الأهلية وأمر بنشر مقاتليه ونصب الحواجز وخطف مئات المدنيين اللبنانيين والفلسطينيين وقتلهم على خلفية انتماءاتهم الطائفية، ومن أبرز الجرائم التي ارتكبها حزب الكتائب مجزرة السبت الأسود ومجزرة الكرنتينا في العام 1976 حيث قاد بشير الجميل هجوماً على مخيم الكرنتينا أدّى إلى مقتل حوالي 1000 مقاتل ومدني فلسطيني ولبناني.


أسّس هذا الدعم لرفع مستوى العلاقة حيث أجرى وفد عسكري – أمني إسرائيلي في العام 1976 وما بعده سلسلة زيارات سرّية إلى لبنان التقى خلالها مسؤولين في حزبي الكتائب والأحرار وعلى رأسهم بيار الجميل وولديه بشير وأمين بهدف تقييم الوضع ودراسة سبل “مساعدة المسيحيين في لبنان”، وأثمر ذلك اتفاقاً على برنامج زمني امتد إلى سنوات جرى خلالها إرسال مجموعات من المقاتلين إلى “إسرائيل” وإخضاعهم لبرامج تدريب متخصّصة في مختلف المجالات العسكرية والأمنية.. استفاد العدو من هذه الخطوة المتقدّمة في تكاليف مستقبلية للمقاتلين المسيحيين حدّدها وزير حرب العدو أرييل شارون خلال لقاء جمعه ببشير الجميل في شباط 1982 على متن سفينة حربية إسرائيلية في مرفأ جونية، وفق ما كشفته مجلة “تايم” الأمريكية.


كان بشير قد حسم زعامته في الشارع الماروني في العام 1979 بذريعة “توحيد البندقية المسيحية”، وارتكب في سبيل ذلك سلسلة مجازر بحق معارضيه وأبرزهم رئيس حزب المردة طوني فرنجية وزوجته وابنته والعشرات من مؤيديه في إهدن، ثم مجزرة الصفرا في العام 1980 حيث قضى على ميليشيا “نمور الأحرار” بقيادة داني شمعون كقوة عسكرية، وكان سمير جعجع القائد المخطط والمنفذ الأبرز في هذه الهجمات..


أطلع شارون في هذا اللقاء بشير على تفاصيل الاجتياح الذي قرّرت حكومة مناحيم بيغن تنفيذه خلال الصيف والذي سيصل إلى العاصمة بيروت، وأوعز إليه بضرورة الاستعداد ميدانياً وعسكرياً للقيام بالخطوات المطلوبة منه في الوقت المناسب.. سريعاً عمّم بشير مجموعة قرارات تنظيمية قضت بالاستعداد العسكري واستنفار المجموعات القتالية، وأوعز إلى إدارات المدارس في المناطق التي تهيمن عليها “القوات اللبنانية” بضرورة إنهاء العام الدراسي في نيسان على أبعد تقدير لأن “شيئاً كبيراً سيحدث”.


كان العدو قد وضع خطّة الإجتياح مسبقاً، وأعلن الناطق باسم حكومة العدو “آفى بازنز” أن “أهداف إسرائيل ضمان أمن المستوطنات الإسرائيلية الشمالية وإجلاء كلّ القوات الغريبة عن لبنان ومن ضمن ذلك الجيش السوري” (بناءً على طلب الرئيس الأمريكي رونالد ريغان)، وتدمير منظمة التحرير الفلسطينية، وتنصيب “القوات اللبنانية” حكومةً لبنانيةً، وتوقيع اتفاقية سلام مع لبنان”..


وقضت أوامر شارون لبشير أن يشارك في حصار بيروت (الغربية) تمهيداً لاقتحامها والقضاء نهائياً على أي شكل من أشكال المقاومة، ومن ثم تمهيد الطريق أمامه ليتربّع على كرسي القصر الرئاسي في بعبدا..


صباح السادس من حزيران العام 1982 بدأت “إسرائيل” غزوها البرّي للبنان، ودفعت بقوات ضخمة بلغت نحو 75 ألف جندي، واجتازت مواقع انتشار قوات الطوارئ الدولية دون عوائق، وخلال خمسة أيام فقط تمكنّت قوات العدو من احتلال نحو ثلث الأراضي اللبنانية ووصلت إلى مشارف العاصمة بيروت..


في 21 آب بدأت عملية ترحيل المقاتلين الفلسطينيين عبر البر والبحر خارج لبنان وتوزيعهم في سبع دول عربية (تونس، اليمن، الأردن، الجزائر، السودان، العراق وسورية)؛ وبعد يومين فقط انتُخب بشير الجميّل رئيساً للجمهورية اللبنانية..


وفي 11 أيلول انتقل بشير إلى مستوطنة نهاريا ليلتقي بيغن بهدف الاتفاق على الخطوات اللاحقة وصولاً لإقامة معاهدة “سلام” بين لبنان و”إسرائيل”.. وقبل أيام من موعد تسلّمه الرئاسة قُتل بشير لينهار بنيان المشروع الإسرائيلي في لبنان كلّه، ولكن المخطط لم يتوقف حيث ارتكبت “القوات اللبنانية” بحماية إسرائيلية مجزرة صبرا وشاتيلا بذريعة الانتقام لمقتل بشير، وذهب ضحيتها أكثر من 3500 شهيداً من الرجال والشيوخ والأطفال والنساء.


تصاعدت عمليات المقاومة وانسحب العدو من بيروت لينشئ ما سمّي بـ”الشريط المحتل” العام 1985 وصولاً إلى اندحاره عن معظم الأراضي اللبنانية في أيار من العام 2000، وتوالت انتصارات المقاومة على الاحتلال ولا سيّما في أعوام 1993 و1996 و2006 حتى جاء أيلول من العام 2024 بعد أكثر من 40 عاماً من انكسار المشروع الإسرائيلي ليستعيد نتنياهو فرصة تطويع لبنان، فقد نجح في حربه هذه المرّة بتكبيد المقاومة خسائر كبيرة في قياداتها وكوادرها وأفرادها وتجهيزاتها العسكرية بعدما حوّل معظم القرى الحدودية في جنوب لبنان كما قطاع غزة إلى أطلال، كما أطبق على الحكم الجديد في سوريا بعد انهيار نظام بشار الأسد، ولم يعد هناك أي عقبة سوى نزع سلاح المقاومة في لبنان.


واليوم يستعيد سمير جعجع الخطاب السياسي والدعائي القديم ذاته الذي يتماهى مع المشروع الأمريكي – الإسرائيلي، ولم يكفه مصادرة القرار المسيحي وتهميشه قيادات الأحزاب المسيحية الأخرى حتى اندفع ليصادر قرار الدولة والشعب اللبناني ويملي على رئيسي الجمهورية والحكومة والوزراء أفعالهم منصّباً نفسه حاكماً مطلقاً على لبنان، وكأنه بذلك يقتبس شخصية بشير الجميل الذي سعت “إسرائيل” لتكريسه نموذجاً عن الرؤساء التابعين لها وتقديم ميليشيا “القوات” مشروعاً مؤهلاً لتحويله إلى دولة؛ ولا شك في أن جعجع يستند في رؤيته هذه إلى مسعىً أمريكي يأمل في أن يأخذ لبنان إلى طور جديد بعد الانتخابات النيابية المقبلة، ولا يبعد أن يتمخض هذا المسعى – وفق رؤية جعجع – عن تنصيبه رئيساً في حين يوضّب نواف سلام حقيبته عائداً إلى لاهاي بعدما أدّى وظيفته على أكمل وجه، ويترك الوظيفة للبديل المنهمك بتنظيم موائد الغداء والعشاء للموفدين الأمريكيين – ولاحقاً الإسرائيليين – إلى بيروت.




Related Posts

  1. "بلا حيونة".. توم باراك يُهين السلطة الرابعة.. أين منتظر الزيدي؟!.. حسناء سعادة
  2. بالفيديو.. "حزب الله": سيرى العالم بأسنا!
  3. بعد اختطافه.. الجيش يحرّر ابن الـ14 عاماً
  4. حادثة غريبة في طرابلس.. مجهول أحرق دراجات نارية مركونة!




















The post من بشير إلى سمير.. مشروع دويلة مسيحية برؤية إسرائيلية!.. وسام مصطفى appeared first on .




موقع سفير الشمال الإلكتروني



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBAANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top