لم يسبق أن شهدت نقابة محامي طرابلس، تقريباً، منذ تأسيسها في العام 1921 مشهداً غريباً كالذي عرفته في السّاعات والأيّام التالية التي أعقبت فوز المرشّح مروان ضاهر بمنصب النقيب في الإنتخابات التي جرت يوم الأحد الماضي، 9 تشرين الثاني الجاري، حيث تسابقت الأحزاب والتيّارات السّياسية إلى تبنّي فوزه، برغم أنّ بعضها كان حتى قبل فتح صناديق الإقتراع على خصومة سياسية ونقابية معه، فضلاً عن تقاطر وفود أحزاب وتيّارات وشخصيات لتهنئته، على قاعدة أنّ للفوز ألف أبٍ وأبّ، بينما تبقى الهزيمة يتيمة ولا تجد من يتبناها.
هذا الإهتمام بـ”أمّ النقابات” الشمالية لا ينبع من فراغ، فهي كانت دوماً محطّ اهتمام القوى السّياسية على اختلافها نظراً لدورها وتاريخها العريق، ولكون حضور أيّ قوّة سياسيّة فيها يعني حضور هذه القوّة على السّاحة السّياسية في طرابلس والشّمال، وهو حضور يكتسب أهمية مضاعفة عندما يكون الإستحقاق النقابي على أبواب إستحقاق الإنتخابات النيابيّة المقبلة المرتقب أنْ تجري بعد أقلّ من 7 أشهر.
وإذا كان هذا الإهتمام إنعكس في وصول نسبة الإقتراع إلى 89 % بعدما شارك في العملية الإنتخابية 1387 محامياً من أصل 1559، فإنّ اللافت كان الفوز الكبير الذي سجله ضاهر بنيله 874 صوتاً مقابل حصول منافسه المحامي شوقي ساسين على 515 صوتاً، بفارق وصل إلى 359 صوتاً، وهو فارق لم تعرفه النقابة من قبل، وعكس حجم الإصطفاف السّياسي والنقابي خلف ضاهر وتُرجم في صناديق الإقتراع.
لكنّ بعض ما كان لافتاً للإنتباه في انتخابات نقابة محامي طرابلس أنّ مرشّح القوّات اللبنانية لمنصب النقيب، المحامي إيلي ضاهر المدعوم أيضاً من النّائب أشرف ريفي والجماعة الإسلامية، أعلن إنسحابه من المنافسة قبل 5 أيّام من موعد الإنتخابات، إنّما من غير أن يُجيّر أصواته وأصوات القوّات لمنافسه مروان ضاهر، ولم يصدر بيان عنهم في هذا السّياق، ومع ذلك لم تتوانَ القوّات اللبنانية عن إصدار بيان أعلنت فيه فوز النقيب ضاهر بدعم منها!
غير أنّ أبرز ما كان لافتاً في انتخابات نقابة محامي طرابلس كان الموقف الذي أعلنه الأمين العام لتيّار المستقبل أحمد الحريري الذي زار النقابة على رأس وفد كبير من المكتبين السّياسي والتنفيذي وكوادر قطاع المحامين والتيّار في الشّمال وعكّار، في مشهدٍ لم يقم به التيّار الأزرق من قبل، حتى عندما فاز النقيب السّابق سامي الحسن، المحسوب عليه، بالمنصب قبل عامين، برغم أنّ إنتقادات سلبية واسعة وُجّهت إلى نقباء سابقين محسوبين على تيّار المستقبل لهم علاقة بفساد في إدارة النقابة مالياً وإدارياً، ومحسوبيات وسمسرات جرت في امتحانات دخول محامين جُدد إلى النقابة.
فبعد إشادته بالنّقيب الجديد الذي كان مرشّح التيّار لمركز النقيب “من موقعه كمناضل في صفوف التيّار في قطاع المحامين، مروراً بعضويته في النقابة”، هاجم الحريري من قال إنّ “الحريرية السّياسية” إنتهت، معتبراً أنّ “من يقول ذلك لا يحبّ التيّار ويحاول يائساً الترويج لتمنياته وأحلامه”، في إشارة ليست خافية إلى حلفاء التيّار الأزرق السّابقين، وعلى رأسهم القوّات اللبنانية وريفي، وصولاً إلى حدّ اتهامهم بأنّهم “أصحاب مؤامرة”، وهم “أضعف من بيت العنكبوت” في سعيهم لملء فراغ تركه تعليق تيّار المستقبل العمل السّياسي وعزوفه عن عن خوض الإنتخابات النيابية.
مشهد حضور الحريري والتيّار الأزرق في نقابة محامي طرابلس، واستعراض القوة الذي كان لافتاً، طرح أسئلة عن إذا كان الفوز بالإنتخابات النقابية سيكون مقدمة لكي يخوض التيّار الإنتخابات النيابية، خصوصاً بعد إشارات وتسريبات تحدثت عن احتمال أن يترشّح أحمد الحريري للإنتخابات النيابية، ومرشحين آخرين في مختلف الدوائر، سواء عاد الرئيس سعد الحريري عن عزوفه أم لا، وأنّ إنتخابات نقابة محامي طرابلس أعطت التيّار الأزرق جرعة مقويات للمضي قدماً في هذا الإتجاه، إلّا في حال تأجّلت الإنتخابات، أو اتخذ تيّار المستقبل قراراً في ربع السّاعة الأخير، كما فعل بالإنتخابات النيابيّة السّابقة، بالبقاء على عزوفه بانتظار قرار سعودي ـ ليس معروفاً بعد ـ يسمح له بهذه العودة.
مصر ابلغت الأمم المتحدة رفضها القاطع لأي مخططات لتقسيم السودان
هاني: نعمل على تطوير الخارطة الزراعية الوطنية
The post نقابة محامي طرابلس بوّابة عودة المستقبل للإنتخابات النيابيّة؟.. عبدالكافي الصمد appeared first on .