في عزّ الصيف حيث تصل درجات الحرارة إلى مستويات قاتلة، تُترك طرابلس تواجه مصيرها وحيدة.
مدينة كاملة تُطفأ عنها الكهرباء بالساعات الطويلة، ويُقطع عنها شريان الحياة ولا حلول، بل فقط وعود وكلام فارغ.
الكهرباء غائبة، والطرابلسي بات يعيش على “ساعة يتيمة” في اليوم، بالكاد تُشغّل “لمبة أو مروحة”. لا برّادات، لا أجهزة تبريد، وبما أن المياه مرتبطة بالمضخات الكهربائية، فإن انقطاع الكهرباء يعني ببساطة انقطاع المياه لتصبح المصيبة أكبر وكأن واحدة لا تكفي.
منذ أكثر من ستة أشهر، خرج بعض وزراء حزب “القوات اللبنانية” في مؤتمر صحفي، وتعهّد أمام وسائل الإعلام بأن أزمة الكهرباء “ستنتهي خلال أشهر قليلة”، وأن “طرابلس لن تبقى خارج الخريطة”.
لكن ما حدث هو العكس تمامًا: المدينة ازدادت ظلامًا، والأزمة تضاعفت، فيما الوعود بقيت حبراً على ورق، كلّه كان كلامًا في كلام. تصريحات مُنمّقة، وابتسامات أمام الكاميرات، وخطط فارغة ذهبت مع أول موجة حرّ..
من يتحمّل مسؤولية هذا الانهيار الكامل في مدينةٍ تُعدّ ثاني أكبر مدن لبنان؟ أين الوزارات؟ أين النواب؟ فقط تصريحات باردة، وإستعراضات إعلامية، وتبادل للاتهامات بين الأحزاب، فيما المواطن يُترَك وحيدًا، يواجه مصيره، تحت شمسٍ حارقة.
في كل بيت طرابلسي، يتردّد الكلام نفسه: “ضحكوا علينا.”
لا كهرباء، لا مياه، لا حلول. فقط وعود موسمية تَظهر عندما تقترب الانتخابات، ثم تختفي مع أول عتمة. وكأن المدينة ليست ضمن حسابات السلطة، إلا عندما يحتاجون إلى صوتٍ انتخابي أو مشهدية إعلامية.
والنتيجة؟ مدينة تُرمى في الظلام، شعب يُترك ليواجه الجحيم، وساسة يتبادلون التصريحات والاتهامات… من دون أن يتحمّل أحد ذرة مسؤولية، فيما الغياب الكامل للرقابة سمح للمسؤولين بتجاهل معاناة الناس بكل برودة، وكأنهم غير معنيين بما يحدث على الأرض.
ما فائدة وجود حكومة إذا كان كل من فيها يعيش في فقاعة من التصريحات الإعلامية؟ لا رقابة، ولا مساءلة، ولا ضمير يوجّه المسار نحو الحلول!..
موقع سفير الشمال الإلكتروني