لم تكد تمر 24 ساعة على الموقف الذي نُقل عن وزير الطّاقة والمياه جو الصّدي، المحسوب على حزب القوّات اللبنانية، من أنّه يُفضل إستيراد لبنان النفط من الكويت على الذي يستودره حالياً من العراق، إنطلاقاً من خلفية سياسية، حتى وجّهت بغداد “رسالة” حملت أبعاداً مختلفة إلى الحكومة اللبنانية بدت أشبه بالصّدمة ليس واضحاً، حتى الآن، كيف ستتعامل معها حكومة الرئيس نوّاف سلام.
وبرغم أنّ الصّدي حاول تبرير وتغطية مسعاه لاستيراد النفط والفيول، لزوم تشغيل معامل إنتاج الكهرباء، من الكويت فضلاً عن مسعى سابق لم يكتب له النجاح لاستيراد النفط والغاز من قطر، فإنّ هذا المسعى إرتدّ سلباً على لبنان من ناحيتين: الأولى أنّ الوزير الصّدي ترجم في وزارته فشل القوات في انتشال قطاع الكهرباء من القاع الذي وصلت اليه، والذي كان آخره إنقطاع التيّار الكهربائي عن أغلب المناطق اللبنانية في الأيّام الثلاث الماضية، ما يدحض إدعاءات القوّات السابقة في أنّها قادرة ـ عكس غيرها من الأحزاب والتيّارات السّياسية، وتحديداً التيّار الوطني الحر ـ على إنارة لبنان في فترة زمنية قصيرة إذا ما كتب لها تسلّم حقيبة وزارة الطاقة والمياه.
أمّا الناحية الثانية التي ارتدت سريعاً وسلباً على لبنان نتيجة “سياسة” القوات وموقف وزيرها الصّدي، فهو ما تمّ الإعلان عنه يوم أمس في العاصمة العراقية بغداد، خلال زيارة وزير الطاقة السّوري محمد البشير لها ولقائه نظيره العراقي ونائب رئيس الحكومة حيّان عبد الغني، من أنّ الزيارة هي “بغرض وضع تفاهمات لنقل النّفط من العراق عبر الأراضي السورية إلى البحر المتوسط عبر ميناء بانياس السوري”، بعدما كان العراق قد أرسل وفداً رفيع المستوى، في نيسان الماضي، إلى دمشق لتقييم جدوى تجديد خط أنابيب النفط مع سوريا، وهي خطوة تعول عليها بغداد لتنويع منافذ التصدير وسط توسع في قدرتها الإنتاجية.
لكنّ الموقف العراقي وسياسة بغداد النّفطية لم تتوقف عند هذا الحدّ، إذ ذكرت وزارة النّفط العراقية بأنّها “تدرس إمكان تصدير النفط عبر مرفأ طرابلس اللبناني”، مشيرة إلى أنّها “ستدرس تجديد خط أنابيب تصدير النفط بين العراق وسوريا”، عدا عن لبنان في وقت لاحق، وأنّها “ستشكل لجنة مشتركة لتقييم وضع خط الأنابيب”.
إزاء هذا التطوّر اللافت تطرح أسئلة عديدة حول كيف سيكون موقف الوزير الصّدي وحكومة سلام من هذا العرض الذي قدّمه العراق للبنان، الذي إذا تحقّق سيكون إنجازاً طال إنتظاره طويلاً، إذ سيعيد تشغيل مصفاة نفط البدّاوي بعد تأهيلها، وسيؤمن فرص عمل ونهضة إقتصادية كبيرة في طرابلس والشّمال ولبنان، تعيد البلاد إلى أيّام عزّها الإقتصادي التي كانت عليها قبل الحرب الاهلية، كما يسمح للبنان بالحصول على ما يحتاجه من النفط والفيول والغاز بأسعار رمزية.
فهل يستغل لبنان وحكومة سلام الفرصة المتاحة، أم أنّ سياسة الحكومة والقوّات والوزير الصّدي ستحول دون ذلك، وستضيع على طرابلس ولبنان فرصة قد لا تتاح قريباً نتيجة سياسة النكايات والإرتباطات الداخلية والخارجية بخلفيات سياسية لا تصب في مصلحة البلد؟.
موقع سفير الشمال الإلكتروني