بعد ظهر أمس حطّت في مطار بيروت الطائرة التي تقلّ الموفد الأميركي توم برّاك، في زيارة تفاوتت الآراء والمواقف منها، وحول ماذا يحمل في جعبته من طروحات لها علاقة بالقضايا التي كُلّف بها في لبنان، وهل أنّها لا تحمل جديداً أم أنّ لديه أفكاراً يريد عرضها على المسؤولين اللبنانيين، وهل يحمل معه جواب إدارة بلاده على الورقة اللبنانية التي تسلمتها السّفارة الأميركية في بيروت المتعلقة بالقرار 1701، وتنفيذ قرار وقف إطلاق النّار بين لبنان وإسرائيل الذي تمّ التوصل إليه قبل زهاء 9 أشهر ونيّف.
ومع أنّ غموضاً يسود النتائج التي سيخرج بها الموفد الأميركي بعد زيارته إلى لبنان، فإنّها تأتي في ظلّ أجواء ملبّدة وتشنّج سياسي وأمني في لبنان والمنطقة، وتوتر داخلي وإقليمي وضع الجميع على صفيح ساخن، وجعل كلّ طروحات الحلول لأزمات لبنان وسواه مُجمّدة، أو تقف أمام حائط مسدود.
هذا الغموض إنعكس إنقساماً واضحاً في المواقف اللبنانية من الطّروحات الأميركية، ففي حين إعتبر رئيس الحكومة نوّاف سلام أنّ برّاك “قادم لبحث كيف نترجم التلازم بين إنسحاب إسرائيل، وإتمام عملية بسط سلطة الدولة وحصر السّلاح بيدها”، أكّد الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أنّ حزبه “لن يسلم سلاحه لأحد”، ما أعاد الأمور إلى نقطة الصفر، وأعطى إشارة أنّ الأيّام المقبلة ستحمل في طيّاتها تصعيداً سياسياً وأمنياً واسعاً.
القلق الذي يسود أغلب الأوساط السّياسية الدّاخلية يعود إلى جملة عوامل، من أبرزها أنّ إسرائيل خرقت قرار وقف إطلاق النّار أكثر من 3300 مرّة من دون أن يبدر عن الإدارة الأميركية أو المجتمع الدولي أيّ انتقاد أو إدانة لهذا الخرق، أو وضع حدّ له، وتقديم ضمانات من شأنها أن تُسهّل مناقشة بقية القضايا، لا بل إنّ الموفد الأميركي حمل معه في زياراته، وخصوصا الأخيرة منها، لهجة تصعيدية تحمل تهديدات مبطّنة مثل زيادة وتيرة العدوان الإسرائيلي، أو التحذير من وقوع حرب أهلية أو شطب لبنان عن الخارطة نهائياً وإعادته إلى الشّام.
كما تأتي زيارة برّاك إلى لبنان بينما تشهد محافظة السّويداء جنوب سورية تطوّرات أمنية خطيرة أرخت بظلالها على مستقبل سورية كلّها وليس مستقبل المحافظة السّورية الجنوبية، في ظل إنقسام لبناني واسع ومخاوف كبيرة من إنتقال التوتر في السّويداء إلى لبنان، وهو توتر بدأت ملامحه في الأيّام الأخيرة تتخذ منحى تصعيداً في ظلّ إستمرار التوتّر الأمني في السّويداء وجوارها بعدما أخذ طابعاً مذهبياً درزيا ـ سنّياً، وزاد من خطورته دخول إسرائيل على خطّ الصراع هناك.
هذه الأجواء المتوتّرة التي خيّمت مسبقاً على زيارة برّاك إلى لبنان جعلت أسئلة كثيرة تطرح، ومخاوف كثيرة يجري تداولها، حول ما تخبئه الأيّام المقبلة للبنان من تطوّرات ستبقي لبنان على فوهة بركان الصّراعات في المنطقة.
موقع سفير الشمال الإلكتروني