فتح الحريق الدائر في السويداء مجدداً جروح الإضطهاد والإصرار على الإقصاء في مجتمعات متنوعة طائفياً ومذهبياً، وأكد مرة جديدة فشل الفكر المتطرف في إدارة دول ومجتمعات التنوع. ولم يكن متوقعاً أقل من هذه النتيجة الكارثية لمناخ التحريض والفوضى، لكن الأخطر أن تترك إدارة هذا الوضع من دون أي ضوابط او سعي لتغيير هذا الواقع.
وما زاد في الكارثة، أن قوات السلطة السورية ما كانت لتنسحب من السويداء لولا التدخل الإسرائيلي، وهذا ما دفع الرئيس السوري أحمد الشرع للإعتراف فجر الخميس بالهزيمة وإعلان الإنسحاب من السويداء، واضعا ذلك تحت إطار حماية سوريا. ميدانياً اعلنت الفصائل الدرزية تحرير مدينة السويداء، فيما بات الهم منصباً على منع الاعمال الانتقامية بحق عشائر البدو في المحافظة.
وفي هذا المشرق المتداخل، رددت الأواني المستطرقة للطوائف صدى الصراع في السويداء. فالمناطق الدرزية عبرت عن رد فعلها وغضبها، فيما شهدت مناطق أخرى كطرابلس تضامناً مع السلطة السورية بقيادة أحمد الشرع.
وفي إطار الاتصالات اللبنانية المواكبة، أجرى رئيس مجلس الوزراء نواف سلام اتصالاً بالرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وشدّدا على "صيانة وحدة سوريا وتفاهم جميع أبنائها تحت مظلة الدولة السورية بالاضافة إلى أهمية التحلّي بالتعقل والحكمة في لبنان وتفادي ردود الأفعال التي من الممكن أن تخلق توترات داخلية بين أبناء الوطن الواحد".
في هذا الوقت، كانت الحكومة اللبنانية تتابع اجتماعاتها الروتينية التي لا تخرج إلا بالتعيينات، فتبقى خطط الإصلاح والنهوض مغيبة. ومن هذا المنطلق، سجّلت الحكومة على نفسها فشلاً ذريعاً بالتهرب من كل الأسئلة التي وجهها إليها تكتّل "لبنان القوي"، سواء قبل الجلسة أو خلالها، ما دفع التكتل إلى تحويل هذه الأسئلة الى استجوابات بحسب ما تقتضيه المادة ١٢٦ من النظام الداخلي لمجلس النواب.