تتضح يوماً بعد آخر مزاعم الحرص على مشاركة المغتربين في الإنتخابات النيابية المقبلة، وادّعاء أنّ هذا الحرص يهدف إلى ربط المغتربين بوطنهم، وحثّهم على العودة إليه والإستثمار فيه، ودفعهم على المشاركة في دعمه وتنميته.
فقد أظهر السّجال الواسع الذي نشب في الأيّام الأخيرة بين القوى السّياسية على خلفية إقتراح القانون الذي تقدّم به نوّاب حزبي القوات والكتائب وبعض النواب التغييرين بأنّ هذا الإقتراح يهدف إلى أمرين: الأول تعزيز وضعهم في الإنتخابات المقبلة، والثاني إضعاف خصومهم من القوى المنافسة.
ويأمل المدافعون عن هذا الإقتراح في زيادة عدد المغتربين للإقتراع في الإستحقاق الإنتخابي المقبل، من 225 ألف ناخب مُسجّل إقترع منهم 141 ألف مقترع (63 %)، ومضاعفته إنْ أمكن، لإحداث تغيير واسع في خريطة توزيع الكتل في مجلس النواب المقبل، معتمدين على دعم دول عربية وغربية سُربت عنها بالآونة الأخيرة معلومات تفيد عن أنّها ستفرض، في أراضيها، حظراً إنتخابياً على نشاطات 3 أحزاب وتيّارات سياسية لبنانية رئيسية، هي: حزب الله، تيّار المستقبل والجماعة الإسلامية.
ولا يُخفي من يسيرون بهذا الإقتراح رفضهم للإقتراح المقابل له الذي يقتصر على تصويت المغتربين لاختيار 6 نوّاب فقط موزّعين على القارات الستّ، وليس اقتراعهم لاختيار أعضاء مجلس النواب الـ128، معتبرين بأنّ الفرصة مؤاتية لهم الآن أكثر من أيّ وقت مضى لإحداث هذا التغيير ـ الإنقلاب الذي لم يستطيعوا إحداثه في لبنان منذ عام 2005، برغم كلّ الدعم السّياسي والمالي والإعلامي الذي تلقوه من الخارج.
وتشير معلومات إلى أنّ نيّة المتمسكين باقتراع المغتربين تهدف إلى تحقيق أمرين: الأوّل إحداث خرق في التمثيل النّيابي الشّيعي الذي يحتكره ثنائي حزب الله وحركة أمل من خلال الإستعانة بناخبين شيعة مغتربين “متحرّرين” من الولاء للثنائي؛ والثاني إسقاط ما أمكن من نوّاب ومرشّحين يصنفون في خانة “حلفاء المقاومة” بأصوات المغتربين، وتكرار تجربة إنتخابات 2022 والسعي إلى زيادتها.
ففي إنتخابات 2022 حافظ الثنائي الشّيعي على حصرية تمثيل الطّائفة الشّيعية نيابياً، لكنّها أسقطت 6 نوّاب ومرشحين يُعدّون من أبرز حلفائه، هم: فيصل كرامي في مدينة طرابلس (إستعاد مقعده بعد الطعن)، إسطفان الدويهي في زغرتا، إيلي الفرزلي ومحمد القرعاوي في البقاع الغربي ـ راشيا وأسعد حردان ومروان خير الدين في مرجعيون ـ حاصبيا، في حين نجح على حسابهم 6 نوّاب تغيريين، ويبدو طموح هؤلاء وحلفائهم كبيراً بزيادة غلّتهم في الإستحقاق المقبل.
ما سبق يدلّ على أنّ الحسابات السّياسية والإنتخابية الداخلية والضيّقة هي التي تقرر الموقف من تأييد ودعم إقتراع المغتربين للنواب الـ128، أو رفضه، وليس الحرص على المغتربين والإبقاء على صلتهم بالوطن الأم، ما يدفع إلى طرح سؤال جوهري، هو: هل يبقى المؤيدون لاقتراع النغتربين على موقفهم إذا جرى اقتراح قانون بأن يقترعوا على أساس لبنان دائرة إنتخابية واحدة وبعيداً عن القيد الطائفي؟
The post كباش أصوات المغتربين: قلب المعادلة لا الحرص على المشاركة.. عبدالكافي الصمد appeared first on .