إندلع فجر الثلاثاء حريق كبير في سوق الأحد القديم بالقرب من مستديرة أبو علي حيث كانت الشرارة الأولى لسلسلة من الحرائق المتعمدة التي اجتاحت المدينة والمناطق المحيطة بها. محدثة حالة من الذعر بين السكان، ومتسببة بانبعاث سحب سوداء كثيفة غطّت سماء المدينة لساعات طويلة.
لم يعد الدخان المتصاعد من بين الأحياء مشهداً عابراً. فقد تحوّلت الحرائق المتعمدة، الناتجة عن إشعال النفايات والمواد البلاستيكية لاستخراج المعادن أو العبث بأمن المدينة و سلامة المواطنين في المدينة إلى ظاهرة يومية تهدد سلامة البيئة وصحة السكان.
وما يزيد الوضع سوءاً، أن بعض الحرائق لا تُشعل داخل طرابلس فقط، بل تأتي أيضاً من مناطق محيطة ومجاورة، حيث يتم حرق نفايات أو مواد صناعية في مناطق مجاورة للمدينة، لتنتقل سحب الدخان بفعل الرياح إلى داخل الأحياء السكنية وهو ما يشكل خطراً على المواطننين لا سيما من يعانون من مشاكل تنفسية.
وكانت قد تقدّمت بلدية طرابلس، ممثلة برئيسها د. عبد الحميد كريمة ووكيلتها القانونية المحامية رولا نجا، بادعاء رسمي أمام النيابة العامة الاستئنافية في الشمال، سُجّل تحت الرقم 8776 بتاريخ 2 تموز 2025، ضد مجهول وكل من يظهره التحقيق فاعلاً أو محرضاً أو شريكاً في جريمة افتعال الحريق المتعمد في مكب النفايات البلدي والمنطقة المحيطة به.
واستندت البلدية في شكواها إلى قانون حماية البيئة، مطالِبة بتوقيف المرتكبين وإلزامهم بالتعويض عن الأضرار البيئية والمادية والمعنوية. كما أجرى رئيس البلدية اتصالاً بمحافظ الشمال بالإنابة، دعا خلاله إلى اتخاذ إجراءات فورية، لا سيما إغلاق “البور” غير المرخصة التي تُستخدم لحرق النفايات وتشكل تهديداً دائماً للبيئة والصحة العامة.
في المقابل، يسود الشارع الطرابلسي حالة من الغضب والاستياء الشديدين، نتيجة ما يصفه المواطنون بـ”غياب تام للردع والمحاسبة”. وعلى الرغم من تكرار هذه الحرائق منذ أشهر، لم تُسجّل أي عملية توقيف فعلية أو كشف جدي عن الفاعلين من قبل القوى الأمنية.
وما زاد الطين بلة، أن كاميرات المراقبة في ساحة التل رصدت، بحسب شهود وبعض المقاطع المصورة، شخصاً وهو يُشعل مكباً للنفايات عند الساعة الخامسة صباحاً، ثم يغادر المكان بهدوء دون أي تدخّل يُذكر.
في خضم الغضب الشعبي، برزت أصوات محلية تعبّر عن استغرابها الشديد من توقيت تصاعد هذه الحرائق المتعمدة كفعل منظم يحمل في طيّاته نوايا قد تكون أخطر من مجرد تلويث البيئة أو كسب مادي غير شرعي.
بعض الفاعليات والناشطين لم يترددوا في القول صراحة إن طرابلس “تُستهدف” ضمن خطة ممنهجة لـ”إغراقها في الفوضى”، سواء لأسباب سياسية أو لتصفية حسابات مناطقية أو حتى بهدف الضغط لتمرير مشاريع مشبوهة.
فالتلاقي بين الإهمال الرسمي، الإفلات من العقاب، والتكرار اليومي لعمليات الحرق، كلّه يُغذي الشكوك بأن المدينة تتعرّض لأكثر من مجرد أزمة بيئية – بل ربما لمحاولة خنق مدروسة ومفتعلة
The post حرائق مشبوهة تُهدد طرابلس وتثير الريبة!.. صبحية دريعي appeared first on .