عشية وصول مبعوث الولايات المتحدة توماس باراك إلى لبنان ليتسلم الرد اللبناني على المقترح الأميركي، بلغ الضغط مداه على أكثر من صعيد، لجهة:
أولا: الضغط الإسرائيلي بالمواقف والعدوان المستمر، حيث هدد وزير الحرب يسرائيل كاتس أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم، وخاطبه بالقول: “ألم تتعظ من نصرالله ومن خليفته”، فيما شنت المقاتلات الاسرائيلية غارات عدوانية على مناطق وادي نهر القاسمية في أرزي وجرد بوادي غرب بعلبك ومارون الراس، فضلا عن تحليق للمسيرات فوق الضاحية الجنوبية لبيروت.
ثانيا: محاولات الترهيب والترغيب من قبل الولايات المتحدة لجهة تهديد لبنان بالثبور وعظائم الأمور وبفقدان أميركا إهتمامها بلبنان في حال لم يأت الرد وفقا للشروط الأميركية الاسرائيلية، ولجهة التأكيد على أن تنفيذ هذه الشروط سيجعل لبنان عظيما وسيتجاوز الصراع الطائفي وسيشهد نهضة إقتصادية كبرى.
ثالثا: الضغط السياسي الداخلي المتمثل بصدى الشروط الأميركية من خلال عدد من النواب الدائرين في فلك المحور الغربي والذين رفعوا السقف تجاه الدولة اللبنانية والمقاومة على حد سواء، فضلا عن طرح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع نفسه مرشدا للجمهورية محاولا ضرب إسفين بين الحكومة اللبنانية وحزب الله، وداعيا إلى أن “يكون الرد عبر مجلس الوزراء وليس حصره بالرؤساء الثلاثة في عودة إلى الترويكا التي كانت قائمة في عهد نظام الأسد”، لافتا إلى أن “من سيضيع هذه الفرصة سيتحمل المسؤولية أمام اللبنانيين وأمام التاريخ” وذلك في إشارة واضحة إلى تشكيك جعجع بالرؤساء الثلاثة وحرصه على أن يكون الرد في مجلس الوزراء ليتمكن وزراءه من التأثير فيه، أو أن يكونوا على إطلاع على مضمونه.
رابعا: الضغط الإعلامي الذي تمثل في نسج سيناريوهات حول الأهوال التي قد يشهدها لبنان في حال لم يأت رده مطابقا للشروط الأميركية، أو في التسريبات والمعلومات التي تحدثت عن توجه حزب الله نحو تسليم السلاح الثقيل والحصول على ضمانات وإيهام اللبنانيين بأن الأمور ذاهبة نحو الايجابية وأن ملف السلاح قد أصبح وراءنا، فضلا عن الغرف السوداء التي تعمل على إستهداف رئيسيّ الجمهورية العماد جوزاف عون ومجلس النواب نبيه بري، وفبركة مواقف عنهما ما إضطر المكتب الإعلامي للرئيس بري إلى نفي كل ما ينقل عنه أو عن زواره.
في المقابل، قطع أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم الشك باليقين في المسيرة العاشورائية التي شهدتها الضاحية الجنوبية وشكلت إستفتاء جديدا لنهج المقاومة، حيث قال: ”إذا كانت بعض الدول الكبرى تبحث عن الحل، فالحل يبدأ من وقف إطلاق النار، وأي خيار آخر لا يساعد على الحل، وهنا نحن أمام خيارين إما استمرار القتال وإما وقف إطلاق النار، فلا يوجد خيار ثالث إسمه الاستسلام لأن المقاومة لن تستلم، لذلك العالم لا بد أن يأخذ خيارا، ونحن في لبنان إن أوقفوا في غزة سنوقف وإن أكملوا فسنكمل”.
لا شك في أن كلام الشيخ قاسم سينعكس على مضمون الورقة اللبنانية التي يفترض أن يتسلمها توماس باراك اليوم وهي حتما لن تعجب أميركا التي يبدو واضحا أنها لا تراعي سيادة لبنان ولا كرامته الوطنية ولا إستقلاله بل تريد دخوله في العصر الأميركي – الإسرائيلي غير آبهة بما قد يتعرض اليه من مخاطر ومن توترات في حال ممارسة المزيد من الضغط حول سحب سلاح المقاومة من دون إجبار إسرائيل على الانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة وعلى وقف إعتداءاتها وإلتزامها بإتفاق وقف إطلاق النار، وإطلاق الأسرى، وهذا ما كان يفترض بالحكومة اللبنانية إنجازه بالدبلوماسية التي وعدت اللبنانيين بأنها قادرة من خلالها على الوصول إلى الحلول المرجوة، لكن يبدو أن أميركا لا تقيم وزنا لأحد ولا يهمها سوى سحب السلاح الذي يهدد العدو الاسرائيلي.
The post الضغوط تبلغ مداها سياسيا وعسكريا وإعلاميا.. والمقاومة تقطع الشك باليقين!.. غسان ريفي appeared first on .