2025- 05 - 09   |   بحث في الموقع  
logo المرأة اللبنانية بين تحديات الاستقرار الزوجي وموروثات المجتمع.. رحلة نحو الشراكة الحقيقية!.. الكاتبة: د. فاطمة الموسوي logo هل يكون ستيف ويتكوف صانع الحلول الاميركية؟.. بقلم: العميد منذر الايوبي logo الرشوة الانتخابية في لبنان.. وجه خفي للديمقراطية المغشوشة!.. سمية موسى logo ساعات بلديّة حافلة قبل فتح صناديق الإقتراع شمالاً!.. عبدالكافي الصمد logo الطلاق في لبنان.. أزمة مؤسسة أم وعي نسائي متجدد؟.. بقلم: د. روبى الحاج logo علي جوهر.. للفيحاء logo باسيل: ‏كل التهاني للمسيحيين الكاثوليك بانتخاب البابا logo توضيح من القوات اللبنانية حول الانتخابات في أنفه 
المرأة اللبنانية بين تحديات الاستقرار الزوجي وموروثات المجتمع.. رحلة نحو الشراكة الحقيقية!.. الكاتبة: د. فاطمة الموسوي
2025-05-09 02:56:16

في المجتمع اللبناني، تُعد الأسرة المؤسسة الأساسية التي يقوم عليها النسيج الاجتماعي. ولكن، وراء هذه الصورة التقليدية للزواج، تُخفي العديد من الأسر تحديات كبيرة تهدد استقرارها وتوازنها. هذه التحديات ليست مجرد مشاكل عابرة، بل هي تعبير عن قوى اجتماعية وثقافية متجذرة في المجتمع اللبناني، والتي تتجلى بشكل خاص في العلاقة الزوجية.


من بين هذه التحديات، يبرز تأثير الموروث الثقافي والعائلي الذي يحدد أدوار الرجل والمرأة داخل الأسرة، ويفرض على الزوجة، خاصة المرأة العاملة، ضغوطًا متعددة. هذه الضغوط لا تقتصر على التوقعات الاجتماعية والاقتصادية، بل تشمل أيضًا القيود النفسية التي تفرضها العلاقات الزوجية غير المتكافئة. يتناول هذا المقال تأثير هذه العوامل الثقافية والاجتماعية على الاستقرار الزوجي والأسري في لبنان، مع تسليط الضوء على المعاناة النفسية التي تواجهها المرأة بسبب الخوف من حكم المجتمع والتقاليد الأسرية.


الفقرة الأولى: العلاقات الزوجية في لبنان: بين التوقعات الثقافية والواقع


في المجتمع اللبناني، تظل العلاقات الزوجية خاضعة للعديد من المعايير الثقافية التي تحدد الأدوار التقليدية للزوجين. يُتوقع من الرجل أن يكون هو المسؤول الأول عن توفير الدخل واتخاذ القرارات الكبيرة في الحياة الأسرية، بينما يُتوقع من المرأة أن تتحمل مسؤوليات رعاية المنزل والأبناء. هذا التقسيم الاجتماعي للأدوار ليس مجرد اختيار فردي، بل هو نتاج لثقافة موروثة تمتد عبر الأجيال.


ورغم التغيرات التي شهدها المجتمع اللبناني في السنوات الأخيرة، لا يزال هناك ضغط اجتماعي قوي يفرض على الزوجة التزامًا بالأدوار التقليدية. هذه الأدوار تتراوح بين مسؤولية المرأة عن تربية الأبناء، والاهتمام بالمنزل، إضافة إلى الانخراط في العمل المهني، مما يخلق حالة من التوتر والازدواجية في الدور الذي تلعبه داخل الأسرة. في هذا السياق، يُصبح الزواج في كثير من الأحيان مصدرًا للضغط النفسي، بدلًا من كونه علاقة متكافئة قائمة على الشراكة.


الفقرة الثانية: الخوف من حكم المجتمع: المرأة بين توقعات الأسرة والمجتمع


إن الخوف من حكم المجتمع يُعدّ أحد العوامل الأساسية التي تشكل الحياة الزوجية في لبنان. ففي العديد من الأسر، لا تقتصر التوقعات على الزوجين فقط، بل يمتد تأثيرها إلى العائلة الممتدة والمجتمع ككل. يُعتبر الزواج في هذه البيئة التزامًا اجتماعيًا أكبر من كونه علاقة شخصية بين الطرفين، مما يجعل أي خلل في هذه العلاقة محط أنظار وتدخلات الآخرين.


المرأة، خاصة في الأوساط العائلية التقليدية، تجد نفسها في مواجهة مستمرة مع هذه التوقعات. إذ يُنظر إليها في الغالب على أنها “الوصية” على استقرار الأسرة، وهو دور يضع على عاتقها مسؤوليات مضاعفة. ومن هنا، فإن أي نوع من المشكلات الزوجية يُعتبر فضيحة عائلية، مما يزيد من الضغوط النفسية على الزوجة. التوتر النفسي الناتج عن هذا الخوف من الحكم الاجتماعي قد يجعل المرأة تشعر بأنها محاصرة بين التزامها بالعائلة والضغوط التي تفرضها التقاليد.


الفقرة الثالثة: الضغوط الاجتماعية على المرأة العاملة: كيف تؤثر الحياة المهنية على استقرار الأسرة؟


المرأة اللبنانية العاملة هي إحدى الفئات الأكثر تأثراً بالتوترات الاجتماعية والزوجية. فعلى الرغم من التقدم الذي أحرزته المرأة في مجال التعليم والعمل، لا تزال تُتوقع منها الوفاء بدور الزوجة والأم في المنزل بشكل يتماشى مع التصورات التقليدية. المرأة العاملة تجد نفسها في موقف صعب؛ فهي مسؤولة عن أداء عملها المهني بكفاءة، بينما يُتوقع منها أيضًا تلبية احتياجات أسرتها.


هذه الضغوط تجعل المرأة العاملة عرضة لمشاعر العجز والإرهاق. وعندما تُضاف إلى ذلك التوقعات الاجتماعية التي لا تترك لها مساحة للتنفس أو التعبير عن نفسها، تتزايد المشاعر السلبية مثل القلق والاكتئاب. وفي الكثير من الحالات، تُضطر المرأة إلى التقليل من مشاركتها المهنية أو حتى ترك عملها لتلبية مطالب الأسرة، مما يساهم في تفاقم هذه الضغوط.


الفقرة الرابعة: تسلط الأزواج: تأثير العلاقات غير المتكافئة على الاستقرار الأسري


تُعتبر الهيمنة الذكورية أو تسلط الأزواج أحد العوامل التي تساهم بشكل كبير في تدهور الاستقرار الأسري. على الرغم من أن العلاقات الزوجية في لبنان قد تشهد تحولات في بعض الحالات، إلا أن العديد من الأزواج لا يزالون يمارسون سلطة على زوجاتهم. هذه السلطة تتجسد في شكل رقابة، تقييد للحريات، وعدم احترام لآراء المرأة.


في العلاقة الزوجية غير المتكافئة، حيث يُهيمن الزوج على القرارات الاقتصادية والعاطفية، يُحرم الطرف الآخر، أي المرأة، من حقها في اتخاذ قرارات حياتها الخاصة. هذا التسلسل الهرمي يعزز من مشاعر العجز والضغط النفسي التي تواجهها المرأة، مما يؤثر سلبًا على استقرار الأسرة. كما أن الخوف من العواقب الاجتماعية يجعل المرأة تتقبل هذه الأدوار المذلة وتظل في دائرة معقدة من الصمت والإحباط.


الفقرة الخامسة: الحلول الممكنة: نحو استقرار أسرى أكثر توازنًا


لتحقيق استقرار أسري حقيقي، يجب أن يبدأ المجتمع اللبناني في معالجة التوقعات الاجتماعية التي تفرض أدوارًا تقليدية على الزوجين. هناك حاجة ماسة لتعزيز مفهوم الشراكة المتساوية بين الزوجين في جميع جوانب الحياة، بدءًا من اتخاذ القرارات المشتركة إلى توزيع المسؤوليات المنزلية والمهنية.


من المهم أيضًا أن يتمكن المجتمع من توفير بيئة داعمة للمرأة العاملة، بحيث يُعترف بدورها المتعدد في المجتمع والعمل. يجب أن تُعزز السياسات التي تدعم التوازن بين العمل والحياة الخاصة، مثل إجازات الأمومة ودور الحضانة، وأن يُشجع الأزواج على تقاسم المسؤوليات بطرق أكثر توازنًا. إضافة إلى ذلك، يجب أن يتم تبني برامج توعية في المدارس والمجتمع، لتعزيز قيم الاحترام والمساواة بين الزوجين، والتأكيد على أن الاستقرار الأسري لا يأتي إلا من خلال الشراكة المتكافئة.


الخاتمة:


في لبنان، لا يزال الاستقرار الزوجي والأسري يتأثر بالعديد من العوامل الثقافية والاجتماعية التي تعيق تحقيق المساواة بين الزوجين. بين الخوف من حكم المجتمع، والتوقعات الأسرية التقليدية، والضغوط التي تتعرض لها المرأة، خاصة العاملة، تظل العلاقات الزوجية في كثير من الأحيان متوترة وغير متكافئة. ومع ذلك، تبرز الحاجة إلى إعادة التفكير في هذه الأدوار التقليدية وإيجاد حلول مجتمعية تسهم في توفير بيئة أكثر توازنًا، حيث يمكن لجميع أفراد الأسرة أن يعيشوا في جو من الاحترام المتبادل والشراكة الحقيقية.


إن المرأة اللبنانية، سواء كانت عاملة أو ربة منزل، تُعتبر رمزًا للقوة والصبر. فهي، رغم التحديات والضغوط التي تواجهها، تتمسك بدورها الحيوي في المجتمع والأسرة. اليوم، يجب أن نُعترف بالمرأة الصابرة القوية التي تعمل بلا كلل لتحقيق التوازن بين واجباتها المتعددة، وتوفير الدعم النفسي والعاطفي لعائلتها، بينما لا تحصل دائمًا على الدعم الذي تستحقه.


يجب أن تُمنح هذه المرأة الفرصة لتمكين نفسها والتعبير عن طموحاتها ومهاراتها بحرية ودون قيود مجتمعية. دعم المرأة ليس مجرد خيار اجتماعي، بل هو حق يجب أن يُمنح لها، حيث إن تقدم المجتمع ونموه يرتبطان ارتباطًا وثيقًا بتقديرنا لدور المرأة وإعطائها المكانة التي تستحقها في جميع المجالات.


المرأة القوية الصابرة التي تتحدى الصعاب وتستمر في مسيرتها، تستحق أكثر من مجرد احترام، بل تستحق الدعم الكامل لتتمكن من بناء مستقبل أفضل لها ولأسرتها. لذا، من المهم أن يعمل المجتمع على تعزيز هذا الوعي ويُحدث التغيير الذي يعكس تقديره لهذه المرأة التي تساهم بشكل أساسي في استقرار الأسرة وتطور المجتمع ككل.

موقع سفير الشمال الإلكتروني






ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top