قبل صدور نتائج الشهادات الرسمية بأيام، قرر مجلس الوزراء أن “يشدّ الهمة” فأقرّ في جلسته فرض عقوبات وملاحقات أمنية على كل من يطلق النار في الهواء ابتهاجًا. قرار شكّل مادة غنية للعناوين الصحفية… لكن ليس لأرض الواقع، حيث مرّ وكأنّه لم يكن، وانتهى مفعوله قبل أن يبدأ، مثل معظم قرارات الدولة التي تُكتب بالحبر وتُمحى بالرصاص.
ومع صدور النتائج، لم ينتظر المواطنون تطبيق القرار، بل سبقوه بإطلاق الرصاص من كل صوب، وكأن لا شيء تغيّر.
من الشمال إلى الجنوب، ارتفعت أصوات الرصاص أكثر من أصوات الزغاريد، وكأن النجاح لا يُكتمل إلا بإرهاب الجيران.
أما القوى الأمنية، فغابت، أو اكتفت بالمشاهدة ، ربما بانتظار “تعميم واضح” أو إذن من جهة ما، أو ربما لأن القرار الحكومي كان مجرد استعراض موسمي بلا نية فعلية للتطبيق.
النتيجة؟ موجة إصابات في صفوف المواطنين، بعضهم في منازلهم، وآخرون في الطرقات.
ومن بين الضحايا، شاب فرح بنجاحه، فحمل سلاحه وأطلق النار ابتهاجًا. لحظة واحدة كانت كافية لتحويل الاحتفال إلى مأتم. رصاصة طائشة – ربما من سلاحه، ربما من سلاح آخر – أصابته مباشرة. سقط أرضًا، وتوفي قبل أن يصل إلى المستشفى.
هكذا يُكافأ النجاح في لبنان برصاصة في الجسد، وصمت رسمي يجهز على ما تبقّى من حياة الناس وهنا، لا بدّ من قول ما يجب أن يُقال بوضوح لبنان ليس بحاجة إلى قوانين إضافية تُعلّق على الجدران أو تُقرأ في نشرات الأخبار.
البلد بحاجة إلى ردع، إلى تطبيق صارم، إلى دولة تحكم لا تراقب، إلى أجهزة أمنية تعرف أنها موجودة لحماية الناس لا لتعداد الطلقات
والقرار الصادر عن مجلس الوزراء برئاسة رئيس الحكومة نواف سلام مجرد بيان جديد يضاف إلى أرشيف “القرارات التي لا تُنفذ”، فالحكومة فعلت ما تجيده دائمًا: إعلان النية… وترك النتيجة للقدر فمبروك للناجحين، وحظًا أوفر للأحياء..
موقع سفير الشمال الإلكتروني