أن يمرّ أسبوعٌ في لبنان بلا أيّ حديث أو موقف عن الإنتخابات النيابيّة المرتقبة أمرٌ يعتبر نادراً ومثيراً للإستغراب، ويدعو للتساؤل عن أسباب غياب الحدث الإنتخابي عن المشهد السّياسي والشّعبي، برغم ضيق المهل واقتراب الإستحقاق الإنتخابي من موعده يوماً بعد آخر.
تكفي مراجعة سريعة لمواقف الأحزاب والتيّارات السّياسيّة والكتل النيابيّة والشّخصيات والقوى، خلال أسبوع منصرم، للتأكّد من ذلك، إذ بالكاد يتم العثور عن تصريح أو شبه حديث عن الإنتخابات النيابيّة المنتظرة في شهر أيّار المقبل، وما يعثر عليه من مواقف ـ على قلّتها ـ تبدو وكأنّها تعيد تكرار نفسها بعبارات وكلمات باتت مُستنسخة ومُستهلكة لا تقدّم ولا تؤخّر في الأمر الإنتخابي شيئاً.
يُفسر غياب الإستحقاق الإنتخابي على هذا النحو إلى ثلاثة أسباب: الأوّل زيارة البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان لمدّة ثلاثة أيّام، بين 30 تشرين الثاني الماضي و2 كانون الأوّل الجاري حيث استقطبت زيارته جلّ الإهتمام، وتقدّمت على ما عداها من ملفات واستحقاقات بما فيها الإستحقاق الانتخابي؛ والثاني تكليف السّفير السّابق سيمون كرم ترؤس الوفد اللبناني في اجتماعات لجنة “الميكانيزم”، وما أثاره هذا التكليف من تجاذبات داخلية تمثلت في ردود الفعل المتناقضة حول هذا التكليف وتداعياته؛ والثالث عودة التصعيد الإسرائيلي ضد لبنان إلى الواجهة مجدّداً بعد سلسلة إعتداءات قام بها جيش العدو الاسرائيلي أمس، ما جدّد القلق من احتمال أن يكون ذلك مقدمة لعدوان أوسع كما هدّد العدو الإسرائيلي مراراً في الآونة الأخيرة، وتحديداً قبل زيارة البابا إلى لبنان التي شهدت هدنة مؤقتة سقطت بعد ساعات من مغادرة بابا الفاتيكان مطار بيروت.
فقد كان من المتوقع أنْ يشهد الحدث الإنتخابي زخماً أكبر ونشاطاً أوسع في اللقاءات والمواقف بعد انتهاء زيارة البابا، لكنّ أيّ شيء من ذلك لم يحصل، لا بل إنّ الحدث الإنتخابي غاب بشكل شبه كلّي عن المشهد السّياسي، وحتى الإعلامي والشّعبي، إلى حدّ طرح العديد من التساؤلات المشروعة حول مصير الإنتخابات ومآلها، من دون العثور على أيّ جواب واقعي أو منطقي عليها.
قد يُعتبر هذا الغياب للحدث الإنتخابي عن مسرح الأحداث خلال أسبوع مضى أمراً طبيعياً في ظلّ التطوّرات الهامّة والمتسارعة التي شهدها لبنان، غير أنّ هذا التبرير لا يستقيم، نظراً لأنّ الوقت يَدْهَمُ الإستحقاق الإنتخابي الذي يبدو وكأنّه في سباق مع الزمن بين أن يجري في موعده المنتظر، أو أن يجري تأجيله إلى موعدٍ غير محدد بعد بسبب الخلافات حول قانون الإنتخابات، والتعديلات القانونية المطلوبة عليه، وهي تعديلات ما تزال الأبواب موصدة أمامها حتى الآن، سواء جرت الإنتخابات وفق القانون الحالي الذي يستدعي تعديلات قانونية غير متاحة، أو وفق قانون إنتخابي جديد يحتاج أيضاً إلى تعديلات قانونية لا تبدو بدورها متاحة.
موقع سفير الشمال الإلكتروني