2025- 11 - 13   |   بحث في الموقع  
logo ترتيبات نفوذ جديدة في المشرق بين الوقائع المؤكَّدة والتسريبات المزعومة...(إسماعيل النجار) logo العطر السياسي.. حين يقدّمه ترامب للشرع!.. بقلم: د.عاصم عبد الرحمن logo بين الدولة والدويلة!.. بقلم: د. عبدالرزاق القرحاني logo زيارة البابا إلى لبنان… رجاء يتجدد أم فرصة قد تضيع؟!.. حسناء سعادة logo "أس آي جي" (SIG) تبيع تسعة خطوط تعبئة، وتفوز بجائزة أفضل ابتكار في التعبئة والتغليف خلال معرض "جلفود للتصنيع" 2025 logo اوجيرو: تم إصلاح العطل في منطقة الجنوب logo وفد روابط التعليم الرسمي في لبنان يلتقي النائب أسعد درغام logo الرياضي يفوز على الحكمة ويحسم قمّة بطولة “وصل”
العطر السياسي.. حين يقدّمه ترامب للشرع!.. بقلم: د.عاصم عبد الرحمن
2025-11-13 04:35:19

في عالم السياسة، لا شيء يُترك للصدفة. فالإيماءة الصغيرة أو الهدية العابرة قد تختصر ما لا تقوله البيانات الرسمية ولا تفصح عنه المؤتمرات.


حين قدّم الرئيس الأميركي دونالد ترامب زجاجة عطر للرئيس السوري أحمد الشرع، بدا المشهد للوهلة الأولى طريفًا أو غير متوقَّع، لكنه في العمق يحمل أكثر من دلالة – نفسية، وديبلوماسية، وإعلامية، وسياسية.


البعد النفسي: الهيمنة المغلَّفة بالمجاملة


ترامب، المعروف بأسلوبه الذي يجمع بين الغرور والدهاء، لا يقدّم الهدايا عفوًا. فالعطر هنا ليس مجرّد هدية، بل رسالة نفسية مبطّنة.


العطر، بطبيعته، يعبّر عن الرغبة في التأثير عبر الحواس، وهو شكل من أشكال “الهيمنة الناعمة” التي تحتل المسافة الشخصية دون ضجيج.


في اللاوعي، تقديم العطر يعني: “أريد أن أترك أثري عليك.”


بهذا المعنى، يمكن قراءة الخطوة كتعبير عن رغبة ترامب في فرض “رائحته السياسية” على الشرع – أي صياغة العلاقة بشروطه الخاصة، لكن بلباقة محسوبة.


البعد الديبلوماسي: منطق التلطيف وإعادة التهيئة


في الأعراف الدبلوماسية، الهدايا ليست مجرد مجاملات بروتوكولية، بل أدوات تواصل رمزي.


والعطر، تحديدًا، يُستخدم حين يراد تلطيف الأجواء وتهيئة المناخ لصفحة جديدة.


قد تعني الهدية إذًا أن واشنطن تسعى إلى اختبار مسار تفاهم أو ترويض سياسي مع دمشق الجديدة، عبر لغة الود لا العقوبات.


إنها دبلوماسية الرائحة: حين يُستبدل خطاب الضغط بخطاب التعطّر في محاولة لكتابة صفحة جديدة برائحة مختلفة.


البعد الإعلامي: الصورة تتكلم


المشهد ذاته – ترامب يمدّ يده بزجاجة عطر، والشرع يتلقاها بابتسامة محسوبة – يكفي ليشعل الإعلام لأيام.


فالصورة، في زمن الشاشات، تتكلم أكثر مما تفعل التصريحات.


الإعلام الأميركي قد يقدّمها كإشارة “حضارية” من ترامب، بينما بعض الإعلام العربي قد يراها محاولة ترويض رمزية.


أما على المنصات الرقمية، فالرائحة ستتحول إلى ترند، والهدية إلى حرب تأويلات بين السخرية والتحليل والتأويل.


في النهاية، العطر ليس ما في الزجاجة، بل ما تتركه صورته من أثرٍ في العقول.


البعد السياسي: منطق الرموز في زمن التحوّل


سياسيًا، يمكن النظر إلى الإيماءة كجزء من مسرح القوة الناعمة.


فترامب لم يقدّم سلاحًا أو اتفاقًا، بل عطرًا؛ وكأنه يقول: “لن نبدأ بالحرب ولا بالعقوبات… بل بالتجمّل.”


الشرع، في المقابل، إن قَبِل الهدية، فإنه يوقّع ضمنيًا على هدنة رمزية – إعلان نوايا بغير كلمات.


إنها لحظة تختصر فلسفة كاملة: في عالم تتبدل فيه أدوات النفوذ من القوة الصلبة إلى القوة الناعمة، تُدار السياسة اليوم بالرائحة أكثر مما تُدار بالحبر أو البارود.


وربما حين نقرأ التاريخ لاحقًا، سنكتشف أن بعض الصفقات الكبرى لم تبدأ بقطرة حبر… بل بقطرة عطر.

موقع سفير الشمال الإلكتروني






ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBAANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top