منذ سنوات، ينتظر اللبنانيون زيارة بابوية تعيد شيئاً من الامل إلى بلد غارق في الأزمات.
ومع اقتراب موعد وصول قداسة البابا لاوون الرابع عشر في الثلاثين من الشهر الجاري في زيارة تمتد حتى الثاني من كانون الاول يعود السؤال: ماذا يمكن لهذه الزيارة أن تمنح لبنان؟
لا شكّ في أن زيارة الحبر الاعظم إلى لبنان تحمل رمزية كبرى، فلبنان الذي يعتبره العالم نموذجاً للتعايش والتنوع يعيش اليوم أحد أكبر انهياراته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعايشية لذا يشكل مجيء رأس الكنيسة الكاثوليكية رسالة دعم معنوي وروحي لمسيحيي الشرق، كما هو أيضاً رسالة تضامن مع شعب يئنّ بأجمعه وبكل طوائفه تحت ثقل الأزمات.
كما بإمكان هذه الزيارة أن تمنح اللبنانيين دفعة معنوية ونفسية هم بحاجة اليها كون وجود البابا على أرض لبنان تجعل انظار العالم متجهة نحو هذا البلد الذي اختار قداسته ان يزوره في خطوة دعم في بدايات زياراته خارج الفاتيكان.
وقد تحمل الزيارة أيضاً زخماً للحوار بين المكوّنات اللبنانية، فتدفع باتجاه التهدئة وفتح قنوات تواصل تكاد تكون مقطوعة بين مكونات اساسية في البلد، فزيارة البابا ليست سياسية، لكنها تحمل قيمة أخلاقية قد تدفع المتخاصمين الى ايجاد مساحة للقاء وقد تفتح نافذة يتنشق من خلالها المواطن نسمة رجاء وامل باستعادة لبنان لدوره وسلامه وامنه.
بالمقابل ان الزيارة وحدها لا تكفي اذا لم تكن الارضية مؤهلة لاستقبال ضيف بهذا الحجم وهذه الاهمية واذا لم تكن النوايا صافية والنفوس هادئة لتلقف هكذا زيارة واستثمارها لمصلحة لبنان لان الخوف الاكبر ان تشكل الزيارة لحظة عاطفية جميلة تجمع اللبنانيين لثلاثة ايام، ثم تعود حليمة لعادتها السياسية القديمة ويعود التراشق وتبادل الاتهامات والمزايدات بين الافرقاء.
ماذا قد تحقق الزيارة البابوية للبنان؟
الجواب: الكثير إن أراد اللبنانيون ذلك.
فوجود قداسته على ارض لبنان سيعيد تسليط الضوء على رسالة لبنان وتعدديته وسيشجّع على إعادة إطلاق الحوار الداخلي وتذكير العالم بضرورة حل مشكلة النازحين وبضرورة دعم لبنان.
كما ان الزيارة ستدفع باتجاه مبادرات إنسانية وخيرية ومؤسساتية قد تُسهم في التخفيف من معاناة اللبنانيين.
اما بعد ما تقدم فان الزيارة قد لا تحقق المرجو منها إذا استمرت لعبة شد الحبال وعض الاصابع بين الافرقاء، فزيارة البابا ليست عصاً سحرية، لكنها نافذة رجاء يمكن أن تُعيد للبنان بعضاً من صورته التي عرفها العالم، غير ان النجاح لا يأتي من ضيف كريم مهما كان جليلاً، بل من أهل البيت إذا قرروا أن يُنقذوا وطنهم ما يعني ان الزيارة قد تكون رجاء جديداً للبنان او قد تتحول الى فرصة ضائعة!.
موقع سفير الشمال الإلكتروني