“مصالحة عالريحة” عبارة ساخرة تعني مصالحة “شكلية” غير حقيقية بل مجرد تمثيلية سياسية.
هذه العبارة استخدمها رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع خلال اطلالته ببرنامح “صار الوقت” مع الاعلامي مرسال غانم محاولا من خلال اطلاقها التخفيف والاستهزاء من “المصالحة الوجدانية” التي خطاها رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه ببطولة اخلاقية، واصفاً إياها بأنها كانت “عالريحة”، في تعبير لا يخلو من استهزاء وسخرية، وكأن هذه المصالحة التي ارتفعت فوق دماء اهل سليمان فرنجيه وشقيقته ذات الثلاث سنوات و٢٨ اهدنياً في مجزرة فظيعة هي مجرّد مشهد عابر بلا عمق ولا معنى.
ما قاله جعجع صدم كثيرين، لأن اللبنانيين يتذكرون جيداً أن فرنجيه، قبل تلك المصالحة، أعلن المسامحة لا من باب السياسة بل من باب الإيمان والوجدان المسيحي، لم يطلب شيئاً، لم يساوم، بل قال ببساطة: “سامحت”، في موقف قلّ نظيره في الحياة السياسية اللبنانية.
المفارقة أن من سامح قاتل أهله أظهر كِبراً إنسانياً ومسيحياً نادراً، فيما من استهزأ بالمصالحة أظهر ضيق أفق وتناقضاً بين ما يطلقه من شعارات وبين ممارسته السياسية، فالمصالحة ليست “عالريحة” حين تكون بين دم غُسِل بالمغفرة، وبين تاريخ أسود من الاغتيالات والمجازر وحروب الالغاء والتنكيل والتدمير، فالكبير هو من يسامح رغم الجرح، لا من يسخر ليخفي عجزه عن الاعتذار، الكبير هو من يصالح مع اصراره على ان تكون وجدانية لا سياسية ومن دون مقابل لا ان يُقرشها لمصالحه السياسية كما فعل جعجع في مصالحات غيرها.
سليمان فرنجيه، بموقفه ذاك، ربح ما لا يُشترى اذ ربح احترام الناس، وثبات الإيمان، وصدق الانتماء إلى مسيحية فعلية لا تعرف الحقد، بل تعرف الغفران.
والسؤال المطروح هل المطلوب من فرنجيه كي لا تبقى “المصالحة عالريحة” كما وصفها “الحكيم” ان يسامح اكثر ام من جعجع ان يعتذر اخيراً عما اقترفت يداه؟.
الفرق بين الرجلين واضح: فرنجيه سامح فارتفع وجعجع سخر فانكشف.
موقع سفير الشمال الإلكتروني