خلال جلسة الحكومة التي عُقدت في 15 أيلول الماضي حصل سجالٌ بين رئيس الحكومة نوّاف سلام ووزير العدل عادل نصّار أفضى إلى انسحاب نصّار (ممثل حزب الكتائب) من الجلسة نتيجة تباين في المواقف بينه وبين سلام حول ملف إنتخابات المغتربين، بعدما اقترح نصّار إرسال مشروع قانون إلى المجلس النيابي ينصّ على انتخاب المغتربين للمقاعد الـ128، لكنّ سلام رفض متابعة النقاش في الموضوع، بعدما أقرّ مجلس الوزراء “عدم القدرة على اقتراع المغتربين، وعدم القدرة على إصدار البطاقة الممغنطة”.
في جلسة الحكومة الأخيرة دار سجالٌ مشابه بين سلام ووزير الخارجية والمغتربين يوسف رجّي (ممثل القوات اللبنانية)، بعدما أصرّ الاخير على مناقشة تعديل قانون الإنتخاب من خارج جدول الأعمال، غير أن رئيس الحكومة رفض الإنصياع لطلبه من منطلق عدم وروده على الجدول، ما أثار إستياء رجّي الذي هدّد بالخروج والتصريح أمام الصحافيين بأنّ سلام يرفض إقتراع المغتربين، فما كان من رئيس الحكومة إلّا أن رفع صوته في وجه وزير الخارجية، طالباً منه “التوقّف عن القيام بعراضات فارغة، وسلوك الأطر القانونية”.
لم يتردّد رجّي في سلوك هذه الأطر، عكس نصّار، إذ أرسل إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء مشروع قانون معجّل مكرّر طلب إدراجه على جدول أعمال أوّل جلسة تعقدها الحكومة، حيث تضمّن مشروع القانون “السّماح للبنانيين المقيمين في الخارج باختيار ممثليهم الـ128 في مجلس النوّاب بحسب دوائر قيدهم”.
خطوة رجّي تشبه ما قامت به كتلة القوّات اللبنانية بالتحالف مع كتلة حزب الكتائب ونوّاب التغيير، بطلبها إدارج طلباً مماثلاً لمناقشته في مجلس النوّاب، غير أنّ رئيس المجلس نبيه برّي لم يتجاوب مع هذا الطلب معتبراً أنّ هناك 8 مشاريع قوانين تدرسها لجنة فرعية في مجلس النواب، وبالتالي لا يمكن إختيار مشروع قانون دون غيره من بقية مشاريع القوانين، ما دفع نوّاب كتل القوات والكتائب والإشتراكي والتغييرين إلى تطيير نصاب جلستين تشريعيتين لمجلس النوّاب ردّاً على ذلك.
تعطيل مجلس النوّاب ومنعه من قيامه بعمله التشريعي بسبب الخلاف حول قانون الإنتخابات المرتقب، يُخشى معه في ضوء خطوة رجّي أن تنتقل العدوى إلى مجلس الوزراء، وأن تؤدّي إلى تعطيل جلسات الحكومة وتطيير نصابها إذا ما رفض سلام التجاوب مع مطلب رجيّ، وهو أمر متوقع، خصوصاً إذا استطاعت القوات والكتائب تأمين النصاب المطلوب لتعطيل جلسات الحكومة وهو الثلث زائداً واحداً، وهو نصاب تعطيل لا يمكن تأمينه إلّا إذا انضم وزراء الإشتراكي إلى وزراء القوات والكتائب، ما طرح تساؤلات حول إن كان ذلك سيحصل أم لا.
لا أجوبة بعد على إمكانية حصول هذا السيناريو الذي يعكس عمق الأزمة السياسية التي يعيشها لبنان هذه الأيّام. لكنّ تجديد برّي تأكيده أنّ الإستحقاق النيابي سيجري في موعده المحدّد في شهر أيّار المقبل، وتوضيحه أنّ “لدينا قانون إنتخابي نافذ، وستجري الإنتخابات على أساسه، ما يعني أنّ عمليات الإقتراع ستحصل في لبنان، ومَن يُريد أن يشارك في الإقتراع وينتخب، يستطيع أن يأتي إلى لبنان وينتخب في لبنان”، يدفع إلى التساؤل حول إذا ما كان سلام سيُجدد موقفه المتقاطع مع موقف برّي، الذي قاله لوزير العدل قبل نحو شهر في جلسة الحكومة، وأنّه لن يسمح بتعطيل جلسات مجلس الوزراء وإصابة البلد بشلل تام.
موقع سفير الشمال الإلكتروني