في جلسة مجلس الوزراء التي عُقدت أول من أمس في قصر بعبدا، شدّد رئيس الجمهورية جوزاف عون على أنّ “لا نيّة لتأجيل الإنتخابات النيابية”، وهو موقف يبدي عون حرصاً على تأكيده في كلّ مناسبة، كما يفعل رئيس الحكومة نوّاف سلام ووزير الداخلية والبلديات أحمد الحجّار، لكنّ المسؤولين الثلاثة يحرصون بالمقابل على رمي كرة قانون الإنتخابات الذي يفترض أن تجري الإنتخابات على أساسه في حضن مجلس النواب، وتحميل المجلس مسؤولية إقرار هذا القانون، نافضين أيديهم منه، وهو ما أكّده رئيس الجمهورية في جلسة الحكومة عندما قال إنّه “يعود لمجلس النوّاب إختيار القانون الذي ستجرى على أساسه الإنتخابات، فيما يعود للحكومة تأمين إجراء هذا الإستحقاق في موعده”.
تقاذف الحكومة والمجلس كرة قانون الإنتخابات ليس أمراً جديداً أو طارئاً؛ فقبل نحو ثلاثة أسابيع، وتحديداً في جلسة الحكومة التي عُقدت في 15 أيلول الماضي، دار سجال بين رئيس الحكومة نواف سلام ووزير العدل عادل نصّار، المحسوب على حزب الكتائب، عندما اقترح الأخير إرسال مشروع قانون إلى المجلس ينصّ على انتخاب المغتربين للمقاعد الـ128، لكنّ سلام رفض متابعة النقاش في الموضوع، بعدما أقرّ مجلس الوزراء “عدم القدرة على اقتراع المغتربين، وعدم القدرة على إصدار البطاقة الممغنطة”.
لكنّ الإنقسام العمودي بين الكتل النيابية حول اقتراع المغتربين أدّى في جلسة المجلس في 29 أيلول الفائت إلى تطيير نصاب الجلسة التشريعية، وفي عدم تأمين نصاب جلسة اليوم التالي، ما جعل مصير قانون الإنتخابات غامضاً ويدور في حلقة مفرغة، ويُسبّب بارتفاع حدّة التوتّر السّياسي الذي لم يُخفّف منه إعلان وزارتيّ الدّاخلية والبلديات والخارجية والمغتربين، في 29 أيلول الماضي، تحديد “2 تشرين الأول 2025 تاريخ البدء بتسجيل اللبنانيين غير المقيمين على الأراضي اللبنانية للمشاركة في الإنتخابات النيابية المقبلة، على أن تنتهي المهلة في 20 تشرين الثاني من العام 2025”.
غير أنّ هذا الإعلان بدا خطوة ناقصة تحتاج أن تصدر الحكومة المراسيم التطبيقية بخصوص إقتراع المغتربين، سواء لانتخاب 6 نوّاب موزّعين على القارات الستّ كما ينصّ قانون إنتخابات 2018 الذي جمّد إقتراع المغتربين لأسباب عدّة، كما يحتاج أيضاً إلى تعديل قانون الإنتخابات في مجلس النواب للإفساح في المجال أمام المغتربين لكي يقترعوا مرّة ثانية لانتخاب النوّاب الـ128 كما نصّ قانون إنتخابات 2022 ولمرّة واحدة فقط، وفي الحالتين لا تبدو الطريق سالكة، سياسياً وقانونياً، نحو إصدار الحكومة المراسيم التطبيقية أو تعديل مجلس النواب قانون الإنتخابات.
فمثلاً، تعديل قانون الإنتخابات يفترض أن يتم قبل 21 تشرين الأوّل الجاري، أيّ خلال أسبوعين فقط، لأنّ مجلس النوّاب وفق نظامه الداخلي سيدخل في 21 تشرين الأوّل الجاري العقد الثاني المخصّص لبحث الموازنة العامّة التي تدوم حتّى آخر السنة، ما يعني صعوبة مناقشة أو تعديل أيّ قوانين أخرى، وأنّ المهل الزمنية باتت ضيّقة جدّاً، وهو ما أشار إليه رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي عندما لفت إلى أنّ “الوقت المتبقي لا يسمح بأيّ تعديل”، مؤكّداً في الوقت نفسه، كما أسلافه المسؤولين، من أنّ الإنتخابات “حاصلة في موعدها”، إنّما من غير أن يوضح من سيقوم بحمل كرة قانون الإنتخابات بين يديه، الحكومة أم المجلس، أم أنّ الأيّام القليلة المقبلة ستكشف عن مخرج ـ تسوية لهذه المعضلة بين السّلطتين التشريعية والتنفيذية؟.
موقع سفير الشمال الإلكتروني