في ظل التحولات السياسية التي تشهدها الساحة السورية، وتزايد الدعوات لبناء نظام مدني تعددي يعيد للبلاد توازنها، يبرز الحزب الوطني للعدالة والدستور (وعد) كأحد التيارات الوطنية التي تسعى لترسيخ قيم العدالة والديمقراطية والمواطنة.

وفي حديث خاص لـ”” اللبنانية، استعرض المهندس محمد زهير الخطيب، رئيس حزب “وعد”، أبرز ملامح التجربة الحزبية ورؤية الحزب لمستقبل سوريا وعلاقاتها الإقليمية، مؤكدًا ثقته بالرئيس أحمد الشرع، وداعيًا إلى بناء علاقات متوازنة مع لبنان قائمة على الاعتراف المتبادل والمصالحة.

تجربة حزبية وُلدت من رحم الثورة..

يرى الخطيب أن الثورة السورية، منذ انطلاقتها، كانت ثورة على الاستبداد والفساد، وسعيًا نحو حكم وطني مدني تشاركي راشد يرسّخ مبادئ الحرية والعدالة والمساواة بالوسائل الديمقراطية.

ويضيف: إن تأسيس حزب “وعد” عام 2013 وإشهاره في عام 2014 في مدينة كللي بمحافظة إدلب، جاء استجابةً للحاجة إلى تنظيم العمل السياسي الوطني في الداخل السوري، مؤكدًا على أن الحزب اختار الميدان السوري مركزًا لنشاطه، وسعى إلى العمل ضمن الإطار المؤسسي رغم الصعوبات والقيود.

وأوضح الخطيب أن الحزب سجّل حضوره في المشهد السياسي من خلال تسجيله لدى الحكومة المؤقتة، وافتتاح مكاتبه وشُعَبه في الشمال السوري، والمشاركة في تأسيس رابطة الأحزاب والقوى الثورية، إلى جانب الانخراط في المؤتمرات والنشاطات السياسية كلما سنحت الفرصة.

التحرير وشرعية البناء..

أشاد الخطيب بعملية “ردع العدوان” التي وصفها بـ”التحرير الأبيض الأخلاقي”، معتبرًا أنها منحت شرعية مؤقتة للحكم في مرحلة ما بعد التحرير، بهدف ترسيخ الأمن والتنمية وبناء المؤسسات وإطلاق الحريات السياسية، تمهيدًا لمرحلة الشرعية الشعبية التي تقوم على دستور دائم وانتخابات ديمقراطية حقيقية.

وأشار إلى أن الإعلان الدستوري الأخير يشكّل خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح، لا سيما مع النص في مادته الرابعة عشرة على صون حق المشاركة السياسية وتشكيل الأحزاب، مؤكدًا على أن الحزب ينتظر صدور قانون أحزاب جديد ينظّم الحياة السياسية ويكرّس مبدأ التعددية.

ثقة وتعاون مع الرئيس الشرع

وأكد رئيس حزب “وعد” أن العلاقة مع الرئيس أحمد الشرع وحكومته تقوم على الثقة والتعاون والتأييد، مع الحرص على تقديم الملاحظات والنصح البنّاء عند الحاجة، مشيرًا إلى أن الحزب أرسل رسائل عدة للرئيس الشرع تؤكد على دعمهم للخط الوطني الجديد واستعدادهم للمشاركة في كل ما يخدم مصلحة البلاد.

تفاؤل بالمستقبل وتحديات قائمة

يعبّر الخطيب عن تفاؤله الكبير بمستقبل سوريا، معتبرًا أن مرحلة التحرير وضعت البلاد على مسار جديد، رغم محاولات بعض القوى الخارجية إثارة الفتن والصراعات. ويؤكد على أن المرحلة المقبلة يجب أن تتركّز على تصفير المشكلات الداخلية والخارجية، والاتجاه نحو السلام والتنمية وإعادة الإعمار المادي والأخلاقي، بما يعيد لسوريا دورها الحضاري ومكانتها الإقليمية.

لبنان أولوية وشراكة مستقبلية..

وفي ما يخص العلاقة مع لبنان، شدّد الخطيب على أن “سوريا تكون بخير عندما يكون لبنان بخير”، متمنيًا أن تتجاوز بيروت أزماتها الراهنة وتعود إلى مكانتها الحضارية بعيدًا عن تأثيرات القوى الخارجية التي لا تريد الخير للبلدين.”

وأضاف: إن العلاقة بين القيادتين السورية واللبنانية إيجابية، مشيرًا إلى أن الرئيس الشرع عبّر عن استعداده للمسامحة وفتح صفحة جديدة، لكن ذلك يستدعي (بحسب الخطيب) اعتراف الأطراف التي أساءت إلى دمشق تقديم الاعتذار عنها، لضمان بناء علاقة قائمة على الاحترام والتعاون.

ويقترح الخطيب أن تتجه سوريا نحو اتحاد اقتصادي إقليمي يشبه الاتحاد الأوروبي، يفتح الحدود أمام التعاون التجاري والاقتصادي، ويرى أن لبنان سيكون أول المرشحين لهذه الشراكة نظرًا للعلاقات التاريخية والاجتماعية والثقافية بين الشعبين.

في ضوء هذه المواقف، يبدو الحزب السوري الوطني للعدالة والدستور “وعد” مصممًا على لعب دور محوري في رسم ملامح سوريا الجديدة، كقوة سياسية وطنية تؤمن بالديمقراطية والشراكة والانفتاح الإقليمي المتوازن”. مستندًا إلى رؤية واقعية تجمع بين الثقة بالقيادة الوطنية والانفتاح على المحيط والتمسك بالمبادئ التي خرج من أجلها السوريون في ثورتهم.