عشية انعقاد الجمعية العمومية للامم المتحدة في دورتها الثمانين يوم الثلاثاء 23 أيلول ٢٠٢٥
نسلط الضوء على فلسطين، تلك الأرض المباركة، وجسر الحضارات، كانت ولا تزال القضية المركزية، وعنواناً للظلم التاريخي الذي لم يعرف مثله في العصر الحديث.
قرن مضى، وهي تقاوم الاحتلال والاقتلاع، وتدفع أثمانًا باهظة للحفاظ على هويتها، بينما يقف العالم بين التعاطف الصامت والمواقف المتناقضة.
– تاريخياً كانت فلسطين جزءًا من الدولة العثمانية (1516 – 1917)، تعيش تحت إدارة عثمانية محلية دون تقسيمات استعمارية، وكان أهلها يعيشون في مدنهم وقراهم بسلام.
– أما بداية النكبة كانت في وعد بلفور (1917) حيث حمل وزير الخارجية البريطاني “آرثر بلفور” رسالة إلى الحركة الصهيونية، واعدًا بإقامة “وطن قومي لليهود” في فلسطين، دون وجه حق ولا مشروعية.
– أما الانتداب البريطاني (1920 – 1948) شكّل فترة تمهيدية خطيرة، سهّلت خلالها بريطانيا هجرة اليهود إلى فلسطين، وقدّمت الدعم الكامل لبناء مؤسساتهم، في حين قُمعت مقاومة الشعب الفلسطيني.
– وفي 15 أيار 1948، أُعلنت قيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين، بعد أن تم تهجير أكثر من 750 ألف فلسطيني من ديارهم قسرًا في ما سُمّي بـ”النكبة”. دُمّرت أكثر من 500 قرية فلسطينية، وقامت الميليشيات الصهيونية بمجازر موثقة مثل دير ياسين والطنطوره وكفر قاسم.
وخلال هذه الحقبة خاضت الدول العربية حرب 1948 دفاعًا عن فلسطين، لكنها انتهت بهزيمة عسكرية، وتكريس الاحتلال. بعدها، بقي الدعم العربي متفاوتًا، بين دول تتبنى القضية ودول تنخرط في مسارات التطبيع.
أما الدول الغربية، فقد دعمت معظمها، وخاصة بريطانيا وأمريكا، إقامة إسرائيل. بينما اكتفت دول أوروبية أخرى بالمواقف الدبلوماسية، دون خطوات فعلية لإحقاق العدالة.
واعترفت الكتلة الشرقية الاتحاد السوفياتي (سابقًا) مبكرًا بإسرائيل، لكنه لاحقًا تبنّى موقفًا داعمًا للحقوق الفلسطينية، لا سيما بعد انضمام منظمة التحرير لحركة عدم الانحياز.
ومنذ تلك الاحداث المتعاقبة حفل سجل الأمم المتحدة ومجلس الأمن بعدة قرارات لم تتطبق ولم ينفذ منها شي وهي على النحو التالي:
– القرار 181 (1947)
قرار التقسيم، منح 55% من أرض فلسطين لليهود و45% للعرب، رغم أن اليهود لم يكونوا يملكون إلا أقل من 7% من الأرض حينها.
– القرار 194 (1948)
يؤكد حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وتعويضهم، وهو أساس المطالبة الفلسطينية بحق العودة.
– القرار 242 (1967)
يطالب بانسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها في حرب حزيران، ويؤكد عدم جواز الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة.
– القرار 2334 (2016)
يدين الاستيطان الإسرائيلي ويعتبره غير شرعي، ويطالب بوقفه في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
رغم كل هذه القرارات، فإن إسرائيل واصلت انتهاكاتها، دون مساءلة حقيقية من المجتمع الدولي.
– ويبقى حق العودة والدولة، هو حق أصيل، فردي وجماعي، تؤكده المواثيق الدولية، ولا يسقط بالتقادم، ويُعتبر مفتاح الحل العادل لهذه القضية.
والشعب الفلسطيني الذي له الحق في تقرير مصيره، على أرضه، وعاصمته القدس، استنادًا إلى قرارات الشرعية الدولية، هو على موعد استثنائي اعتبارًا من أيلول 2025، باُعترف 150 دولة بـدولة فلسطين كدولة ذات سيادة. من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة، أي ما يزيد عن 78٪ من جميع أعضاء الأمم المتحدة.
إن قضية فلسطين ليست مجرد نزاع سياسي، بل هي قضية عدالة وكرامة وحق مسلوب. ومنذ أكثر من سبعة عقود، والشعب الفلسطيني يقاوم الاحتلال، متمسكًا بحقه في العودة، وبناء دولته الحرة المستقلة.
إن استمرار ازدواجية المعايير الدولية، والتقاعس عن تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، يعمّق الجرح، ويؤجج الصراع.
لكن مهما طال الاحتلال، ستبقى فلسطين في الوجدان، ويظل شعبها حيًا، يقاوم بالنار والكلمة، إلى أن يكتب له الفرج والنصر والعودة.
The post من الحق المغتصب إلى حق العودة.. “فلسطين بين التاريخ والاحتلال”… بقلم: د. عبدالرزاق القرحاني appeared first on .