تشهد العلاقات الدولية المتعلقة بالصراع العربي الإسرائيلي، خصوصاً في المرحلة الحالية، تباينات حادة في الرؤى والمواقف بين مختلف الفاعلين الدوليين.
هذه التباينات لا تقتصر على الجانب السياسي، بل تمتد إلى البعد القانوني والقيمي، والإنساني، مما ينعكس على طبيعة العلاقات الثنائية والإقليمية والدولية، ويطرح أسئلة عميقة حول مستقبل النظام العالمي.
أولاً: في التباينات السياسية
– بالرغم من أن العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة تُبنى على شراكة استراتيجية، وداعمة للسياسات الإسرائيلية في المحافل الدولية، خاصة في مجلس الأمن، مما يعطي إسرائيل غطاءً سياسياً واسعاً. الا اننا بدأنا نشهد في الافق القريب والبعيد تباينات حقيقية واصوات متنامية تتحدث عن أولوية المصالح الأمريكية.
– أما الدول الأوروبية: تختلف مواقفها بين داعم ومنتقد، فبينما تدعم بعض الدول (مثل ألمانيا) أمن إسرائيل، تنتقد دول أخرى (كإيرلندا، إسبانيا، وبلجيكا) بشدة ممارساتها في الأراضي الفلسطينية. الا انها في الفترة الاخيرة توافقت على تبني طرح حل الدولتين ، الذي هو بحد ذاته اعتراف بأحقية القضية الفلسطينية.
– ورغم الهوان الذي أصاب دولنا العربية، وتوقيع بعضها اتفاقيات سلام وتطبيع ثنائية، فإن الشارع العربي ومعظم الحكومات لا تزال تعتبر القضية الفلسطينية مركزية، وتُدين الانتهاكات الإسرائيلية.
– أما فيما يخص الأمم المتحدة: التي تُصدر القرارات وتدين الاستيطان والانتهاكات، لكن غالباً ما تُواجه بفيتو أمريكي أو تجاهل من قبل تلك الدولة الصهيونية.
ثانياً: في التباينات القانونية
– إسرائيل: ترفض الالتزام بعدد من قرارات الأمم المتحدة، خصوصاً المتعلقة بعودة اللاجئين أو الانسحاب من الأراضي المحتلة.
– المجتمع الدولي: يرى أن الاستيطان وممارسات الاحتلال مخالفة للقانون الدولي، لا سيما اتفاقية جنيف الرابعة.
– ازدواجية المعايير: تُتهم بعض القوى الغربية، وعلى رأسها أمريكا، بتطبيق انتقائي للقانون الدولي، مما يضعف هيبة القانون ويكرّس مفهوم “الاستثناء الإسرائيلي”.
ثالثاً: الآثار على العلاقات الثنائية
– توتر متصاعد بين إسرائيل وعدد من الدول الأوروبية والعربية بسبب الانتهاكات المستمرة.
– تعليق اتفاقيات أو مراجعة علاقات (كما حدث مع تركيا، جنوب إفريقيا، أو دول أمريكا اللاتينية).
– إعادة تموضع بعض الدول عربيًا ودوليًا، بحثًا عن مواقف أكثر اتزانًا تحفظ مصالحها الشعبية والدبلوماسية.
رابعاً: التبعات على النظام العالمي
– انهيار الثقة في المؤسسات الدولية، بسبب صمتها أو عجزها.
– تآكل مصداقية القانون الدولي نتيجة عدم تنفيذ قرارات الأمم المتحدة بحق إسرائيل.
– صعود موجات شعبية وسياسية تُطالب بإعادة تعريف النظام العالمي على أسس العدالة وليس فقط على القوة والتسلط.
– تقارب دولي غير غربي (بين دول جنوبية وشرق آسيوية) لايجاد بدائل للنظام الدولي الحالي، نتيجة شعور بالتهميش والظلم.
– ختاماً، التباينات بين إسرائيل والمجتمع الدولي ليست مجرد اختلاف في وجهات النظر، بل هي أزمة هيكلية تعكس اختلال موازين القوى، وتآكل المرجعيات القانونية الدولية. وما لم يتم إيجاد توازن جديد يحترم الحقوق ويحمي الشعوب، فإن النظام العالمي مهدد بانقسامات أعمق، وانفجار أوسع للتوترات، تتجاوز المنطقة إلى الساحات الاقليمية والدولية.
The post مآلات التباينات السياسية والقانونية بين إسرائيل والدول الغربية والعربية والمحافل والمؤسسات الدولية!.. بقلم: د. عبدالرزاق القرحاني appeared first on .