لا يُتوقع أن تخرج القمّة العربية ـ الإسلامية الإستثنائية التي ستعقد اليوم في العاصمة القطرية الدوحة، بدعوة منها، ردّاً على العدوان الإسرائيلي عليها في 9 أيلول الجاري مستهدفاً قيادات حركة حماس التي كانت موجودة فيها، بأيّ ردّ عملي من المجتمعين على ذلك العدوان، ولا يُرجّح أن يُغيّر أيّ بيان سيصدر عن القمة، مهما كان شديد اللهجة، من الواقع على الأرض.
عدم التفاؤل بأن يُسفر إجتماع 55 دولة، هم الدّول الأعضاء في المنظمة التي تجمع الدّول العربية والإسلامية، عن موقف من شأنه أن يردع عدوان إسرائيل المتمادي وأن يضع حدّاً لأعمال القتل والمجازر والإبادة الجماعية التي ترتكبها في قطاع غزّة وفي جنوب لبنان، واستباحتها سيادة دول عربية عدّة من سوريا إلى اليمن وتونس .. وصولاً إلى قطر مؤخّراً، يعود إلى أنّ تجارب القمم السابقة بقيت بياناتها وقراراتها مجرد حبر على ورق.
لا يُخفف من ذلك الموقف المرتفع السّقف الذي أدلى به أمس رئيس وزراء قطر وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الذي وصف عدوان إسرائيل على بلاده بأنّه “إرهاب دولة”، معتبراً أنّه “لن يؤدي إلا لإجهاض مسار التفاوض” بين إسرائيل وحركة حماس الذي كانت قطر تقوده، من ضمن دول أخرى، ودعوته الدول العربية والإسلامية إلى “ردّ فوري وحاسم على الإعتداءات الإسرائيلية”، التي رأى بأنّها “استهدفت جميع هذه الدول”.
فالحدّ الأدنى من الردّ الذي يُفترض بدول عربية وإسلامية تقيم علاقات ديبلوماسية مع إسرائيل لم يُتخذ ولن يُتخذ، وهو قطع هذه العلاقات معها، ليس بسبب عدوانها على قطر فقط، وهو سببٌ كافٍ، إنّما نتيجة استمرار عدوانها على غزّة ودول عربية أخرى، من غير أن ترضخ لأيّ قرار دولي أو ضغوطات دولية في هذا السياق، وما لم تستطع القرارات الدولية والضغوطات الدولية أن تفعله وتدفع إسرائيل لإيقاف إعتداءاتها، لا يتوقع أن تسفر عنه قمّة الدوحة اليوم.
أحد المؤشّرات على ذلك المقال الذي نشرته جريدة “الشرق الأوسط” السعودية أمس للكاتب عبد الرحمن الراشد حمل عنوان “ما بعد هجوم الدوحة”، الذي قال فيه: “لنكنْ واقعيينَ، الدولُ العربيةُ التي لها علاقةٌ بإسرائيلَ لن تقطعَها، والدولُ التي فيها قواعدُ واشنطن العسكرية لن تغلقَها، ومصرُ لن تنسحبَ من إتفاقية إستيرادِ الغاز، وأبو مازن لن يتركَ السلطةَ في رام الله”، معتبراً هذه الأمور “أثمانٌ سياسيةٌ باهظة ولو ضحَّت بها الدولُ المعنية لن تحصلَ هي أو الفلسطينيون مقابلَها على تنازلات أو إنتصارات”.
عوضاً عن ذلك يقترح الرّاشد “دعمَ النشاطَ المتزايد للوصول إلى النقطة التي سيصبحُ فيها حلُّ الدولتين (فلسطين وإسرائيل) مطلباً ملحّاً يؤيّده المجتمع الدولي”، وهو حلّ ليس خافياً أنّ إسرائيل لم تستجب له برغم وجود قرار أممي يعود إلى أيّام نشأة الكيان عام 1948، الذي نصّ على قيام الدولتين، فضلاً عن تجاهلها وإدارتها الظهر للمبادرة العربية في قمّة بيروت عام 2002 المتمثلة بـ”الأرض مقابل السّلام”، إذ كلّ ما قامت وتقوم به إسرائيل منذ احتلالها فلسطين وأراضي دول عربية مجاورة، هو استيلائها على مزيد من الأرض وشنّها الحروب والإعتداءات .. وإجهاضها ورفضها أيّ مبادرة أو دعوة للسّلام.
The post قمّة الدوحة لن تردع إسرائيل.. عدوانها سيستمر!.. عبدالكافي الصمد appeared first on .