كشف إجتماع اللجنة النيابية الفرعية المنبثقة عن اللجان النيابية المشتركة والمُكلفة درس إقتراحات القوانين المتعلقة بالإنتخابات النيابية، التي عقدت جلسة لها يوم أمس، برئاسة نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب وحضور الأعضاء، وهي الثالثة لها منذ تشكيلها، أنّها ما تزال تراوح مكانها، وأنّ النقاشات التي شهدتها دلّت بوضوح على أنّ التجاذبات السياسية هي التي تحكم عملها قبل أيّ أمر آخر.

وبرغم أنّ وزارة الداخلية، حسب ما نُقل عن وزيرها أحمد الحجّار بأنّها قد “أرسلت دعوات إلى الهيئات النّاخبة في الخارج لكي يتسجلوا في السّفارات حسبما ينصّ قانون الإنتخابات السّاري المفعول”، فإنّ مراقبين رأوا أن الوزارة تقوم بواجبها بهذا المجال، لكنّ الخلافات حول قانون الإنتخابات الذي امتد إلى الإنتخابات نفسها ما تزال حاضرة بقوة، وتهيمن على كلّ النقاش الدائر حول مصير الإستحقاق النيابي، الذي أكّد الحجّار أنّه سيجري في موعده المحدد في شهر أيّار من العام المقبل.

هذه التجاذبات حول مآل الإنتخابات، والمزايدات، أشار إليها بو صعب في مؤتمره الصحافي الذي عقده عقب الجلسة، عندما لفت إلى أنّ “هناك فريق معين لديه مطلب إجراء تعديلات على القانون الحالي (إقتراع المغتربين وإعادة تقسيم الدوائر)، وفريق آخر يقول إنّ علينا الذهاب إلى تطبيق دستور الطائف، وخصوصاً الأمور المتعلقة بالإنتخابات النيابية ومجلس الشيوخ ومجلس نوّاب خارج القيد الطائفي، وصولاً إلى اللامركزية الإدارية وإلى تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية”.

فالفريق الأوّل التي تقوده القوّات اللبنانية أعلن نائبها جورج عدوان “المطالبة بتطبيق القانون الإنتخابي الحالي بعد اتخاذ موقف بالنسبة لتصويت غير المقيمين”، أمّا الفريق الثاني الذي يقوده الثنائي الشّيعي فقد أسف نائب حزب الله علي فياض أن “يسعى البعض باتجاه إجراء تشريعي كي ينتخب الخارج الـ 128 مقعداً، والبعض يريد أن يستقوي بالخارج على فريق داخلي مستفيداً من الظروف الدولية القائمة”، كما أبدى نائب حركة أمل علي حسن خليل “الإستعداد بأعلى درجات الإنفتاح لأن نأخذ بهواجس الآخرين، الذين أيضاً عليهم أن يفهموا أن الطرف الآخر لديه هواجس ويأخذها بالإعتبار”.

وسط هذه التجاذبات السّياسية الحافلة بالتسريبات والمواقف لفت مراقبون إلى أنّ مصير الإستحقاق النيابي، كما كلّ الإستحقاقات الكبيرة في البلاد، هي رهن الخارج الذي يُقرّر ويفرض كلمته، فإذا رأى أنّ من مصلحته إجراء الإنتخابات فستجري، وإذا وجد أنّ من الأنسب له تأجيلها فسيفعل، وستفعل الحكومة ومعها مجلس النواب والطبقة السياسية ما يقرّره الخارج، الإقليمي والدولي، في هذا السياق.

ويوضح المراقبون أنّ الخارج المؤثّر في الدّاخل اللبناني إذا كانت له مصلحة في تأجيل إجراء الإنتخابات كون نتائجها لن تسهم في تعديل الموازين داخل مجلس النوّاب المقبل على وقع المتغيّرات الهائلة في لبنان والمنطقة، فلن يمانع الإبقاء على “الستاتيكو” القائم كما فعل في فرض التمديد على مجلس النوّاب ثلاث مرات في أعوام 2013 و2014 و2017، قبل أن تجري الإنتخابات عام 2018 وفق قانون إنتخابات جديد جرت وفقه أيضاً إنتخابات 2022، بانتظار ظروف مختلفة كي يبني على أساسها مقتضاه ومصالحه.