مع اعتراف فرنسا وبلجيكا وكندا بدولة فلسطين في أيلول 2025، انتقلت القضية الفلسطينية من طور الحديث عن “شعب تحت الاحتلال” إلى مواجهة استحقاقات “دولة معترف بها”.
إنها خطوة رمزية كبرى، لكنها تفتح أيضاً أبواب تحديات سياسية وقانونية غير مسبوقة، وتحوّل الصراع من مواجهة شعب ومحتل إلى نزاع بين دولتين على الساحة الدولية.
الشرعية الدولية بين الانفتاح والقيود
الاعتراف الدولي يمنح فلسطين فرصة الانخراط في مؤسسات كالأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية، ما يتيح ملاحقة قادة إسرائيل بجرائم الحرب والإبادة. غير أن هذا الاعتراف يبقى مشروطاً غالباً بإصلاح السلطة الفلسطينية، وتهميش قوى كحماس، وهو ما يضاعف الضغوط لتشكيل حكومة شرعية قادرة على تمثيل الدولة الوليدة.
الامتحان الداخلي: حكومة شرعية أم انقسام دائم؟
منذ أكثر من عقدين لم يشهد الفلسطينيون انتخابات رئاسية أو تشريعية. ومع تعمق الانقسام بين الضفة وغزة، يصبح الاستحقاق الداخلي أكثر إلحاحاً. فالاعتراف الدولي بلا شرعية محلية يبقى ناقصاً، وأي اتفاقيات أو شراكات باسم فلسطين ستفقد وزنها إن لم تستند إلى تفويض شعبي.
من إبادة شعب إلى إبادة دولة
حين تُصنّف الاعتداءات الإسرائيلية على غزة كإبادة جماعية، يتجاوز الأمر استهداف الشعب فقط ليطرح سؤالاً عن محاولة محو “الدولة” نفسها. الاعتراف الدولي يمنح فلسطين صفة قانونية تجعل أي هجوم ممنهج على مؤسساتها جريمة ضد دولة عضو في المجتمع الدولي، وهو ما يرفع كلفة العدوان على إسرائيل أمام المحاكم والهيئات الأممية.
العلاقات العربية بين الدعم والحسابات الضيقة
في الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، يضاعف الاعتراف الدولي ثقل فلسطين ويمنح قراراتها شرعية أوسع. لكن الدول التي طبّعت مع إسرائيل ستجد نفسها أمام معادلة صعبة: كيف توازن بين شراكاتها الجديدة وبين التزامها بدعم دولة فلسطين؟
خارطة طريق للمستقبل
قصير المدى (1–2 سنة): تشكيل حكومة وحدة وطنية مؤقتة، إطلاق مشاريع إعادة الإعمار، وترتيب مؤسسات الدولة الأساسية.
متوسط المدى (3–5 سنوات): انتخابات رئاسية وتشريعية شاملة تعيد الشرعية للمؤسسات.
طويل المدى (5–10 سنوات): بناء مؤسسات راسخة، إصلاح الأجهزة الأمنية والقضاء، وتعزيز المشاركة الكاملة في المنظمات الدولية.
الاعتراف الدولي يفتح أمام فلسطين مرحلة جديدة مليئة بالفرص والتحديات. لكن السؤال الأصعب يبقى: كيف يمكن لدولة تحت الاحتلال ويقضمها الاستيطان أن ترسّخ سيادتها على الأرض قبل أن تفقدها؟..
موقع سفير الشمال الإلكتروني