وسط الضجيج المرتفع السّقف الذي دار حول مقاربة الحكومة لملف حصر السّلاح بالجيش اللبناني في جلساتها الثلاث: 5 و7 آب الماضي و5 أيلول الجاري، حيث أبدت ترحيباً بالخطة التي وضعها الجيش لهذه الغاية وأخذت علماً بها، ووسط ملفات داخلية كثيرة شائكة ومعقدة، كان لافتاً خروج مواقف نيابية رجّحت تأجيل الإنتخابات النيابية المقرّرة ربيع العام المقبل بين سنة أو سنتين.
فعلى الرّغم من أنّ رئيسي الجمهورية والحكومة ووزير الداخلية يؤكدون في كلّ مناسبة، في الآونة الأخيرة، أنّ الإنتخابات النيابية ستجري في موعدها المقرّر في شهر أيار من العام المقبل، كانت تسريبات إعلامية وتصريحات تخرج بين حين وآخر تشير إلى أنّ تأجيل إجراء الإستحقاق النيابي يبدو وارداً.
لكن فرقاء سياسيون مختلفون يرون أنّه من الآن وحتى موعد الإنتخابات النيابيّة بعد قرابة 8 أشهر من الآن لا يمكن القول بحسم تأجيلها، وبأنّ التسريبات والتصريحات حول أنّ الإنتخابات ستتأجل تبدو وكأنّها أمنيات بالنسبة للبعض أكثر من كونها حقائق ثابتة، مشيرين إلى أنّ الإنتخابات البلدية التي جرت في أيّار الماضي كان كثيريون يشكّكون بإمكانية إجرائها حتى اللحظة الأخيرة، لكنّها جرت ومرّت بهدوء، وأنّ رئيس الجمهورية جوزاف عون الذي تمسّك بإجراء الإنتخابات المحلية في مطلع عهده لن يقبل بتأجيل الإنتخابات التشريعية، خصوصاً وأنّ الأولى جرت في ظروف سياسية وأمنية وتقنية بالغة التعقيد والصعوبة.
غير أنّ فرقاء آخرين يرون العكس، ويوضحون أنّ هناك جملة عقبات وعراقيل قد تشكل ذريعة لتأجيل الإنتخابات إذا لم يتمّ تذليلها في الأشهر القليلة المقبلة، من أبرزها ما يلي:
أولاً: هناك رغبات معلنة وضمنية لدى معظم الفرقاء والقوى السّياسية في تأجيل إجراء الإنتخابات النيابية، كلّ من وجهة نظرها وبما يناسب مصالحها، ويبدو أنّ هناك تقاطعاً بينها حول هذا الأمر قد ينتج في لحظة ما توافقها على تأجيل الإنتخابات وتمديد ولاية المجلس النيابي الحالي.
ثانياً: يبرز الخلاف على اقتراع المغتربين أحد أبرز الأسباب التي قد تدفع نحو تأجيل الإنتخابات، بين من يطالب بمشاركتهم بالتصويت على غرار الإنتخابات الماضية وبين من يدعو إلى اقتصار إقتراع المغتربين على التصويت لستة مقاعد فقط مقسمة وفق الطوائف والمذاهب وموزّعة على قارات العالم الستّ.
وهذا الخلاف جمّد عمل اللجنة الفرعية التي شكلها المجلس النيابي لمناقشة هذا الموضوع وحسمه برئاسة نائب رئيس المجلس الياس بو صعب، بحيث لم تجتمع سوى مرتين فقط.
ثالثاً: ما تزال النقاشات حول الصيغة النهائية للقانون الذي ستجرى الإنتخابات المقبلة على أساسه غامضة ولم تقرّ بعد، بسبب التباين بين القوى السّياسية الرئيسة حول هذه الصيغة، والكباش السّياسي الحاد، ما يجعل الإتفاق على تعديلات على القانون (مثل تصويت المقترعين بصوتين تفضيليين وليس صوتاً واحداً) خلال الأشهر القريبة يبدو أمراً صعباً.
رابعاً: لطالما كان أيّ استحقاق إنتخابي لبناني، رئاسي أو نيابي أو حتى بلدي، مرتبط بضغوط خارجية، وفي حال أعطى هذا الخارج المؤثر والفاعل بالدّاخل اللبناني ضوءاً أخضر نحو إجراء الإنتخابات النيابية أو تأجيلها، فإنّ المجلس النيابي لن يتلكأ في الإستجابة لهذه الضغوط.
موقع سفير الشمال الإلكتروني