لم يكن مفاجئًا ما اقترفته السلطة ممثلةً بحكومة بتراء فاقدة الميثاقية، منقلبة على الدستور والثوابت، متصرّفة كأنها تحت الاحتلال. حكومة سلّمت للأميركي كل ما أراده الإسرائيلي، وسارت بعصا يزيد بن فرحان، تلهث على موائد الخيانة مراهنةً بالاستقرار، طالما أن هذا الاستقرار يخدم الراعي الأميركي ويرضي مملكة آل سعود ودورهم في مشروع التطبيع.
إنها حكومة عار بكل ما للكلمة من معنى، تنفّذ أوامر العدو بأحبار أميركية كُتبت بالخيانة، وتتآمر على سلاح الدفاع عن الوطن؛ سلاح العزّة والكرامة، المداد بدماء الشهداء، سلاح مواجهة الأعداء من صهاينة وتكفيريين وأدوات داخلية. إنها مهمة سقطت قبل أن تبدأ، وفشلت قبل أن تُقر، لكنها أسقطت معها أقنعة الزيف، وكشفت وجوه حلفاء يخفون ضغائن لا تقل عن حقد التكفيري أو الصهيوني.
لقد صار التحالف الثلاثي مكشوفًا؛ وإذا تجرّأ وخطى خطوة نحو المواجهة، فإنها شرارة نار لا تعرف حدودها ولا نتائجها، إنها معركة وجود: "نكون أو لا نكون".
نحن اخترنا أن نبقى أعزّاء، نحب الحياة بكرامة، ولسنا جاليةً يقرر مصيرها موظف عميل أو مبعوث متصهين، مهما علا شأنه أو كثرت أساطيله. لن يرعبونا ما دمنا نقاتل دفاعًا عن وجودنا في معركة أخذت بُعدًا مذهبيًا بخلفية طائفية، اجتمع فيها الكفر كله بدعم الصهاينة والفرنجة والغرب البيزنطي في حرب صليبية متجددة. جريمتنا أننا ندافع عن وجودنا أحرارًا، عن أطفال فلسطين وحقهم في الحياة، عن شرف أمة انتهكه الأعداء ومسحوا بكرامتها التراب.
وهذا وحده زاد عزيمتنا. علمنا أن النصر صبر ساعة: "فوالله ما غُزي قومٌ في دارهم إلا ذلّوا"، ونحن قوم: هيهات منّا الذلة. لن نقبل أن يكون لبنان كما يريده الأميركي حديقة خلفية لإسرائيل أو امتيازًا للمملكة الوهابية. قرار لبنان لن يكون بيد يزيد بن فرحان الجديد، فنحن أبناء كربلاء الفداء، أبناء الحسين (ع) الذي انتصر بدمه على السيوف، وصار رمز البطولة وشعار الأحرار.
لقد ضحّينا، وصبرنا، وصمدنا، ولن نكون رهائن سرايا مخطوفة تمثّل قصر الأمارة. من جديد يريدون نحرنا بسيف مسموم، بحقد مغلول، بعنصرية بيزنطية تريد سبْيَنا مرّة أخرى! لكن هذا وهم، وهذه جريمة تدفع بلبنان إلى نفق أسود، الجميع فيه خاسر والرابح الوحيد هو العدو، بعدما تحوّلنا مشاريع ضحايا، والوطن إلى مشروع خراب.
هذا هو مشروع نواف سلام، أحد وجوه السابع عشر من أيار، المستقوي بالأميركي، المتكئ على التكفيري الإرهابي. هو ابن طموح سمير جعجع، وكيد البطريرك، وانحياز المفتي، وفجور وليد جنبلاط، وخبث السنيورة، وخيانة لائحة طويلة من الأسماء التي صارت بخدمة إسرائيل... آخرهم سخيف صيدا.
فهل هذه هي حدود المسؤولية يا سيلازار السرايا كما حدّدها الطائف؟ وهل هكذا يُترجَم العيش المشترك؟
نحن لسنا جالية، ولسنا لقمة سائغة، ولا يهمنا إن وقعنا على الموت أو وقع الموت علينا. فمبارك تحالفكم الثلاثي: مسيحي – سنّي – درزي في مواجهة الشيعة، لأنهم يقاتلون إسرائيل! لقد قمتم بما عجز عنه الإسرائيلي.
ومن يعِش... يتذكّر.