في حزيران من العام 1982، إستفاق اللبنانيون على اجتياح إسرائيلي شامل وصل إلى بيروت، بعدما سبقته سلسلة من التطمينات والوعود الأميركية التي أُعطيت للسلطة اللبنانية آنذاك بأن “إسرائيل لن تجتاح الجنوب”، وما بين الوعود والواقع، كانت النتيجة واحدة: “إجتياح، تدمير ممنهج، آلاف الضحايا، وخراب عمّ العاصمة وضاحيتها والبلدات الجنوبية”.
اليوم، وبعد مرور أكثر من أربعة عقود على ذاك الاجتياح، يقف لبنان أمام مشهد مشابه، حيث التقى الرؤساء الثلاثة وفداً أميركياً برئاسة الموفد توم برّاك، مطلقاً سلسلة من الوعود السياسية والاقتصادية التي تُستخدم كطُعم، من “استثمارات خليجية” الى “إصلاحات مالية” الى “تحسين حياة اللبنانيين”، في مقابل تكفيك عنصر القوة الذي لطالما حمى لبنان والمتمثل بسلاح المقاومة.
الاخطر ان الوفد الأميركي قالها وبوضوح أنه “عندما يتم نزع السلاح سيكون هناك حديث مع إسرائيل”، وذلك في محاولة مكشوفة لفرض التطبيع بينما الجنوب ما يزال مدمّرًا ومحتلاً ودماء الشهداء لم تجف بعد، والأكثر خطراً كان اصرار الحكومة اللبنانية على التفريط بسلاح المقاومة وكأنها لم تتعلّم شيئًا من تاريخ هذا البلد، وجرّه إمّا لتطبيع قسري يُفرض على حساب الكرامة الوطنية، وهو خيانة، أو إضعافه وتعريضه لمزيد من التهديدات والابتزاز، وهي خيانة مضاعفة.
الشعب اللبناني لن ينسَ مشاهد الدمار والمجازر وحقيقة أن هذا العدو لا يعرف لغة السلام وأن الرهان على الوعود الأميركية والإسرائيلية مجازفة قاتلة، جرّبها لبنان سابقاً ودفع ثمنها دماً وخراباً، من اجتياح 1978، إلى غزو 1982، وصولاً إلى حرب تموز 2006، والثابت أن إسرائيل لا تلتزم ضماناً ولا تفاوضاً إلا بما يخدم مصالحها!..
موقع سفير الشمال الإلكتروني