2025- 08 - 25   |   بحث في الموقع  
logo لضبط مخالفات المولّدات الكهربائية.. أمن الدولة توقف مواطناً في كامد اللوز logo كركي: غسيل الكلى سيبقى على رأس أولويات الضمان الاجتماعي logo قوات الاحتلال تداهم معملاً في مركبا logo أسرار الصحف logo عناوين الصحف logo افتتاحية “الجمهورية”: برّاك يبلغ الردّ الإسرائيليّ غداً… والشرع: لعلاقة من دولة إلى دولة مع لبنان logo مانشيت “الأنباء”: برّاك في بيروت اليوم حاملا الرد الاسرائيلي ومشاورات إضافية في نيويورك حول التجديد لليونيفيل logo بالصورة: قوّة إسرائيلية تُفتّش معملاً في الجنوب وتُحذّر صاحبه
أوروبا بين “بودابست ثانية” وصراع التحالفات الكبرى.. بقلم: عماد العيسى
2025-08-25 05:23:54

تعيش القارة الأوروبية مرحلة حرجة، ربما الأشد منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، إذ أظهرت الحرب في أوكرانيا هشاشة المنظومة الأمنية الأوروبية، وأعادت إلى الأذهان تجربة “مذكرة بودابست” لعام 1994. حينها تخلّت كييف عن ترسانتها النووية، التي كانت الأكبر بعد روسيا والولايات المتحدة، مقابل ضمانات أمنية أمريكية وبريطانية لم تصمد أمام التحديات الحقيقية.


اليوم، يشكّل هذا التاريخ نقطة انطلاق لفهم مخاوف القادة الأوروبيين من تكرار “بودابست ثانية”، في ظل انقسامات داخلية عميقة وأزمات متعددة تتعلق بالسياسة، الاقتصاد، الهوية، والطاقة.


كانت مذكرة بودابست اتفاقاً غير ملزم قانونياً، يهدف إلى ضمان سلامة أوكرانيا مقابل التخلي عن أسلحتها النووية. ومع ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014، ثم الاجتياح الواسع لأوكرانيا في 2022، لذلك تبين أن الوعود السياسية وحدها لا تكفي للحماية.


هذه التجربة تركت أثرًا طويل المدى:


فقدت أوروبا جزءاً من ثقتها بالضمانات الأمريكية.


أظهرت أن الانقسام الأوروبي الداخلي قد يجعل الدول الأوروبية رهينة لمصالح القوى الكبرى.


كذلك الأمر جعلت الاتحاد الأوروبي أمام اختبار وجودي حقيقي، فإما تعزيز قدراته الدفاعية والسياسية أو تقبل التهميش الدولي.


ثانياً: التحديات الداخلية للاتحاد الأوروبي


الاتحاد الأوروبي يواجه انقسامات متشابكة قد تعرّض وحدته للخطر وهناك الكثير منها :


1. الميزانية والتمويل: خلاف مستمر حول مساهمة الدول الغنية مقابل الدول الفقيرة، وتأثير ذلك على المشاريع الأوروبية الكبرى.


2. الهجرة واللجوء: تباين السياسات بين دول شرق أوروبا والغرب حول استقبال اللاجئين، وهو مصدر صراع سياسي مستمر.


3. السياسة الخارجية: مواقف متباينة من روسيا، الصين، والشرق الأوسط، تعيق صياغة سياسة موحدة.


4. الطاقة والمناخ: تكلفة التحول الأخضر ورفع أسعار الطاقة يفاقم أزمة الاقتصاد ويزيد التوتر بين الدول الأعضاء.


5. صعود القوميين: أحزاب قومية تهدد التعددية وتطالب بسياسات وطنية على حساب الاتحاد.


6. سلاسل التوريد والتجارة: أزمات الطاقة وتأثر الأسواق العالمية أظهرت اعتماد أوروبا على الخارج، خصوصاً على روسيا والصين.


7. الهوية الوطنية والتقاليد: صراع بين القيم الأوروبية المشتركة والمحافظة على الخصوصيات المحلية.


8. التضخم والعجز التجاري: ضغوط اقتصادية تزيد من الاستياء الشعبي وتقوّض الدعم للمشاريع المشتركة.


هذه الملفات تجعل من الصعب على أوروبا اتخاذ موقف موحّد تجاه أي أزمة دولية، بما في ذلك النزاع الأوكراني.


ثالثاً: البحث عن مكاسب .


مع التراجع النسبي لمكانة أوروبا على المسرح الدولي، يسعى بعض القادة لاستثمار الأزمات لتعزيز نفوذهم السياسي أو تعويض الخسارة في المكانة. غير أن الصورة العامة تبين أن أوروبا تراجعت إلى موقع المتأثر بدل المؤثر، وأصبحت غالباً في موقع المتفرج على صراع القوى الكبرى بين واشنطن وموسكو وبكين.


رابعاً: التحالفات الكبرى وإعادة تشكيل النظام الدولي


التغيرات العالمية تتجه نحو إعادة رسم التحالفات:


الولايات المتحدة تسعى للحفاظ على هيمنتها الاقتصادية والعسكرية، لكنها تواجه قوة صناعية صاعدة (الصين) وقوة عسكرية لا يستهان بها (روسيا).


روسيا تسعى لتعزيز نفوذها الإقليمي، خاصة في أوكرانيا والشرق الأوسط.


الصين تتطلع لتوسيع حضورها الدولي واستثماراتها، بما يهدد الهيمنة الأمريكية التقليدية.


في هذا الإطار، قد تجد واشنطن نفسها مضطرة لعقد تسويات مع موسكو وبكين، وهو ما يثير مخاوف الأوروبيين من مساومات كبرى على حساب مصالحهم، بدءًا من وحدة أوكرانيا ووصولًا إلى ملفات الشرق الأوسط، بما فيها القضية الفلسطينية.


خامساً: أوراق تفاوضية حساسة


أوكرانيا: مستقبلها قد يتحول إلى ورقة تفاوضية بين القوى الكبرى، وربما يؤثر ذلك على سيادة الدولة ووحدة أراضيها.


القضية الفلسطينية: رغم التحديات الداخلية والخارجية، تبقى القضية المركزية على الساحة الدولية، وغالبًا ما تستخدم في صفقات نفوذ وإعادة ترتيب التوازنات في الشرق الأوسط وهذا ما يجري حاليآ وغزة هي الشاهد الحالي .


سادساً: السيناريوهات المستقبلية لأوروبا


أمام أوروبا ثلاثة خيارات رئيسة:


1. تعزيز الوحدة الداخلية: إصلاح المؤسسات، تطوير القدرات الدفاعية المستقلة، وتعزيز التكامل الاقتصادي والسياسي.


2. الانكفاء والتهميش: الاستمرار في الانقسامات الداخلية يجعل أوروبا ساحة نفوذ للقوى الكبرى، وفقدان أي تأثير استراتيجي.


3. التوازن البراغماتي: سياسة واقعية تجمع بين الاعتماد على واشنطن والانفتاح على روسيا والصين، بما يحقق حماية مصالح القارة.


أوروبا اليوم عند مفترق طرق. شبح “بودابست ثانية” يخيّم على سمائها، والانقسامات الداخلية تهدد مشروعها الوحدوي، فيما تعيد القوى الكبرى رسم النظام الدولي الجديد. المستقبل يفرض على القارة العجوز خيارًا واضحًا: إما تجديد الدور الريادي وصياغة استراتيجية قوية تحفظ مصالحها، أو القبول بأن تكون مجرد ساحة نفوذ في صراع القوى الكبرى.




Related Posts

  1. إشارات تأجيل الإنتخابات النيابيّة.. جدّيّة أم جسّ نبض؟.. عبدالكافي الصمد
  2. الفساد بين الدين الالهي والدين الشعبي في لبنان!.. بقلم: د. وديعة الأميوني
  3. حزب الله: لن نسلم رصاصة إذا استمر التعامل بنفس الأسلوب
  4. سوريا وإسرائيل.. والولايات المتحدة ثالثتهما!.. بقلم: د. عاصم عبد الرحمن




The post أوروبا بين “بودابست ثانية” وصراع التحالفات الكبرى.. بقلم: عماد العيسى appeared first on .




موقع سفير الشمال الإلكتروني



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBAANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top