صدمة كبيرة، هي أقرب إلى الفضيحة، أحدثها إعلان مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، أمس، عن “استعادة الإسرائيلي صلاح أبو حسين الذي كان محتجزاً في لبنان منذ عام بعد مفاوضات جرت خلال الأشهر القليلة الماضية”، مضيفاً أنّه “بناء على المفاوضات التي جرت خلال الأشهر القليلة الماضية، تم تسليم أبو حسين إلى منسق شؤون الرهائن والمفقودين من قبل السّلطات اللبنانية، عند معبر رأس الناقورة”.
هذا الإعلان الخطير الذي لم تردّ الحكومة اللبنانية عليه وتوضحه، لا تأكيداً ولا نفياً، لاقى ردود فعل شاجبة ومستنكرة ومستغربة في أغلب الأوساط، وخصوصاً هيئات ولجان الأسرى في السّجون الإسرائيلية، الذين وصفوا ما جرى بـ”الفضيحة”، معتبرين أنّ “إطلاق سراح مواطن إسرائيلي، وإبقاء تسعة عشرة أسيراً ومعتقلاً لبنانياً يحملون الجنسية اللبنانية، من الجنوب اللبناني والبقاع وشبعا، ليس إلا خيانة موصوفة يجب أن يحاسب عليها القانون”.
فمهما كانت التبريرات التي سيجري تقديمها حول إطلاق سراح الموقوف الإسرائيلي، من دون أيّ إعلان رسمي أو تغطية إعلامية، فإنّ إنتقادات واسعة وُجّهت إلى الحكومة اللبنانية لإقدامها على هكذا خطوة من دون الحصول على مقابل من العدو الإسرائيلي، مثل إطلاق سراح الأسرى اللبنانيين المحتجزين لديه أو بعضهم، أو استخدام الموقوف الإسرائيلي كـ”ورقة ضغط” على حكومة الكيان ورفض التفريط بها قبل الحصول على مقابل مناسب لها، مثل وقف الإعتداءات اليومية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي على لبنان منذ قرار وقف إطلاق النار أواخر شهر تشرين الثاني الماضي، أو انسحابه من النقاط الإستراتيجية الخمس التي ما يزال يحتلها في الجنوب منذ ذلك الحين.
كلّ ذلك لم تفعله الحكومة اللبنانية، لا كليّاً ولا جزئياً، وهي أمور يُفترض بأيّ حكومة في العالم القيام بها إذا كانت تعتبر نفسها مسؤولة بالحدّ الأدنى عن بلدها ومواطنيها، غير أنّ عدم قيام الحكومة اللبنانية بأيّ من ذلك وضعها في مأزق كبير لا تحسد عليه، ليس فقط أمام الأسرى والمعتقلين لدى العدو، إنّما أيضاً أمام الرأي العام والإعلام والأوساط السّياسية المختلفة، وجعل الأيّام التي تنتظرها صعبة للغاية.
أكثر من ذلك، فالحكومة التي اتخذت في جلستي 5 و7 آب الجاري قراراً بنزع جميع السلاح غير الشّرعي، والمقصود هنا سلاح المقاومة وتحديداً سلاح حزب الله وحلفائه، وحصر السّلاح بالجيش اللبناني وحده، باتت مطالبة بالرّد على سؤال جوهري، وهو: إذا كنتم فرّطتم بموقوف إسرائيلي ولم تستغلوا توقيفه وقبل إطلاق سراحه لإطلاق سراح معتقلين في سجون العدو الإسرائيلي، فما الذي يضمن حماية لبنان من استباحة هذا العدو له إذا نزعتم سلاح المقاومة، ولم تستخدموا هذا السّلاح كورقة قوة لحماية لبنان أولاً، وثانياً عامل ضغط على العدو لجعله يحسب ألف حساب قبل أن يعتدي على لبنان ويستبيحه على مدار السّاعة، من غير أن يجد من يردعه ويوقفه عند حدّه؟
The post الحكومة في مأزق بعد “فضيحة” إطلاق موقوف إسرائيلي!.. عبدالكافي الصمد appeared first on .