2025- 08 - 14   |   بحث في الموقع  
logo افتتاحية “الديار”: هل هدف زيارة الموفدين لبيروت منع الانفجار؟ logo هذا ما ورد في افتتاحية “البناء” logo الأديب محسن يمين ينبش الماضي في كتابين.. حسناء سعادة logo مهمة نتنياهو التاريخية تكشف أهداف الورقة الأميركية.. غسان ريفي logo عناوين الصحف logo أسرار الصحف logo بهاء الحريري: الطائفة السنية في حالة يأس logo الأخطار المحدقة بالكيان اللبناني... ابراهيم أحمراني
المقاومة لن تسلّم لبنان
2025-08-13 09:31:39

منذ اللحظة الأولى لولادتها، كانت المقاومة في لبنان أكثر من مجرّد بندقية أو شعار، كانت فكرةً وإرادةً وخيارًا وطنيًا بارزا: حماية الأرض، وصون السيادة، وفرض معادلة الردع على عدوّ لم يعرف إلا لغة الاحتلال والقتل. هذه المقاومة التي تتجذّر في وجدان الشعب، لم تخرج من رحم المزايدات السياسية، بل من صميم الحاجة الوطنية إلى درعٍ يحمي البلد حين كانت الدولة عاجزة، والحدود مفتوحة أمام الاجتياح.

منذ اجتياح العام 1982 وحتى اليوم، أثبتت التجربة أنّ الحرب مع العدو ليست نزهة، ولا هي جولة تُحسم بضربة واحدة. هي سلسلة جولات من الكرّ والفرّ، يربح فيها المقاومون أحيانًا ويخسرون أحيانًا، لكن الخسارة هنا ليست سقوط الدور أو زوال القوة، بل عامل لإعادة البناء وصنع الفرص وتجديد الروح القتالية. فالميدان، كما التاريخ، لا يقاس بلحظة واحدة، بل بمسار طويل من الصمود والإنجازات.

إنّ من يروّج لفكرة “تسليم السلاح” لا يعيش الواقع، بل يبيع الوهم. هذه العبارة ليست سوى أُمنية يردّدها خصوم لبنان وأعداؤه، محليين كانوا أم إقليميين أم دوليين، ممن لم يتقبّلوا يومًا أن هذا البلد الصغير قادر على فرض معادلات كبرى على خريطة المنطقة. وهم يتجاهلون حقيقة دامغة: أنّ المقاومة، بدمائها وتضحياتها، صنعت توازن الردع، وفرضت على الاحتلال الانسحاب من معظم الأراضي اللبنانية عام 2000 من دون قيد أو شرط، وأسقطت في 2006 مشروع الشرق الأوسط الجديد، وحطّمت أسطورة الجيش الذي لا يُقهر.

ومن المهم التذكير بأن الاحتلال، وعلى مدى 66 يومًا من المواجهات الأخيرة، عجز عن اختراق الحافة الأمامية على الحدود اللبنانية رغم تفوقه العددي والناري، وهو إنجاز ميداني يحسب للمقاومة بكل المقاييس. أما ما حققه العدو لاحقًا، فيدخل في إطار خديعة ما يسمى “الخماسية الضامنة” شكلاً، والمتواطئة ضمناً في خرق وقف النار، بما يخدم أهداف الاحتلال ويمنحه بالسياسة ما عجز عن أخذه بالقوة.

وهنا، يجب فضح حقيقة “الخماسية”: فهي ليست ضامنة لوقف النار بقدر ما هي أداة ضغط دبلوماسية تعمل على انتزاع أوراق القوة من لبنان، عبر التلويح بتخقيق الامن والاستقرار شكليًا، فيما الهدف الحقيقي هو إراحة الاحتلال من معادلة الردع، وتحويل الجنوب إلى منطقة عازلة تخضع لشروطه الأمنية. هذه الدول الخمس، التي تدّعي الوساطة، تتقاطع في جوهر سياساتها مع مصالح تل أبيب، وتُحاول أن تفرض على لبنان، من بوابة الدبلوماسية، ما عجزت الحرب عن فرضه بالقوة.

ويُضاف إلى ذلك عجز الدولة اللبنانية، التي وبحسب منطوق القرار 1701، يُفترض بها أن تنتشر قواتها حتى الحدود مع فلسطين المحتلة. هذا الواقع يؤشر بوضوح إلى عدم جاهزية الجيش اللبناني لتأمين الحماية الكاملة لسكان الجنوب وردع الاعتداءات الإسرائيلية طوال تلك المدة، ما جعل الاحتلال يتمادى في خروقاته.

لقد علّمتنا التجارب أن الدول القوية لا تتخلى عن أوراقها الرابحة، وأن الشعوب الحرة لا تفرّط بعوامل صمودها. والمقاومة، بكل تضحياتها وإنجازاتها، ليست عبئًا على لبنان، بل ضمانته الأخيرة. تسليم سلاحها يعني تسليم لبنان نفسه، وهذا ما لن يحصل، طالما أنّ هناك أرضًا محتلة، وعدوًا متربصًا، وقوى كبرى تعمل على فرض وصايتها من جديد.




| خضر رسلان | إعلامي وكاتب سياسي



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top