في الرابع من شهر آب من العام 2020 وفي تمام الساعة السادسة وسبع دقائق هز إنفجار ضخم مدينة بيروت أطلق عليه مصطلح “بيروتشيما” لقوة وهول الإنفجار الذي نتجت عنه سحابة دخانية كبيرة وأسفر عن إستشهاد ٢٢٠ شخصاً و إصابة أكثر من 7000 مواطنا بالإضافة إلى حدوث أضرار كبيرة في المرفأ وتدمير وتهشيم الواجهات الزجاجية للمباني والمنازل في معظم أحياء العاصمة اللبنانية بيروت.
تعود الذكرى من جديد ومعها تعود الذكريات الأليمة لإنفجار مرفأ بيروت الذي كان ينبض بالحياة والحيوية، حيث تتجلى أمامنا اليوم صورة المرفأ الذي تحول بدقائق معدودات إلى موقع يختزن آلاماً لا تنسى ولا تزال ذكرياتها محفورةً في قلوب اللبنانيين أجمعين ومحملة بأنين تلك اللحظات السوداء المريعة.
لم يكن الإنفجار مجرد حدث عابر، بل كان زلزالاً قلب موازين الحياة في لبنان، وجعل من كل بيت وكل شارع، شاهداً على مأساة لا تنسى.
تتجدد الذكرى ومعها تتجدد الأحزان في قلوب الشعب اللبناني الذي لم تكسره الحروب والأزمات المتتالية من شماله إلى جنوبه. شعب تليق به الحياة والعيش الرغيد. هذا الشعب، الذي يمتلك من الإرادة ما يجعله ينهض من تحت أنقاض الأمل، فهو مثال حيّ على الصمود والتحدي.
في الذكرى الخامسة تتجدد المشاعر الحزينة والتساؤلات الكثيرة..تتخبط الأحاسيس بين الألم والأمل بوطن يتعرض للتهديد كل يوم، وشعب عاجز عن تحقيق آماله ببناء مستقبل أبنائه.
نستذكر اليوم الضحايا الذين رحلوا، والأحباء الذين فقدوا..
تمر الذكرى وكأنها طيف يلاحق الذاكرة وسط غيوم الحزن لتنهمر الدموع ويخرج صوت من أعماق القلوب، يطالب بالعدالة والمحاسبة.
إنها العدالة الجريحة الدامعة على أطلال بيروت أم الشرائع، وإذ بهذه المدينة التاريخية تنتحب وتنثر مدامع ذكريات نكبتها المفجعة التي لا تبرح البال وهي تدمي الحنين إذ نسمع بكاء الثكالى وعويل الأرامل حتى أن الحجارة نسمع نهيدها المزنر بالأوجاع والآلام.
إن الضمير الإنساني يستصرخكم يا أصحاب الضمير والعدالة لكي تكون ذكرى إنفجار مرفأ بيروت صوتاً مدويا في محكمة العدالة والإنصاف بإعتبار أن بيروت هي المعنية بحجرها وبشرها وجغرافيتها وتاريخها اللبناني العريق، هي صوت لبنان وعاصمته وهي لبنان.. فلا تدعوها غارقة في بحر ذكريات هذا الإنفجار المريع الذي لا يستطيع النسيان أن يسكت صداه الأليم في رحاب الإنسانية الجريحة الذي لايسكت صوت ضميرها لا في الأرض ولا في السماء، إلا بتحقيق العدالة وتبريد قلوب عوائل الشهداء الذين من حقهم أن يعرفوا من قتل أبنائهم أو من تسبب في هذا الجرح الممتد على مساحة الوطن!..
موقع سفير الشمال الإلكتروني