في عامٍ واحد فقط، بدت سوريا وكأنها تنتقل من حافة الانهيار إلى بوابة تحوّل سياسي واقتصادي وعسكري غير مسبوق. لم يكن ذلك وليد صدفة، بل ثمرة رؤية قيادية حملها الرئيس أحمد الشرع منذ اللحظة الأولى لسقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول 2024.
خلال سنة واحدة، تحوّلت البلاد من اقتصاد متداعٍ ومجتمع ممزق إلى دولة تتلمس طريق الصعود، وتستعيد دورها الإقليمي وتعيد لمواطنيها ثقتهم بالمستقبل.
أولاً: السياسة… شرعية جديدة بوثيقة اجتماعية واسعة
1. شرعية انطلقت من الداخل
أسّس الشرع قاعدة سياسية صلبة عبر:
ـ مصالحة وطنية شملت أكثر من 220 ألف شخص بين معتقل سابق ومطلوب ونازح داخلي.
ـ انتخابات نيابية شارك فيها 61% من الناخبين، وهي أعلى نسبة مشاركة منذ 1973.
ـ إصلاح دستوري يرسم لأول مرة إطارًا واضحًا للفصل بين السلطات وتقييد صلاحيات السلطة التنفيذية.
ثانيًا: الدبلوماسية… من العزلة إلى شريك إقليمي
1. ترميم الثقة الدولية
نجحت دمشق في إعادة فتح 41 سفارة خلال عام واحد، بينها دول كبرى في أوروبا وآسيا.
وتم توقيع 17 اتفاقًا أمنيًا و13 اتفاقًا لمكافحة المخدرات، لتعود سوريا إلى منظومة العمل الدولي بعد سنوات من العزلة.
2. دور إقليمي متجدد
استعادت سوريا موقعها الطبيعي عبر:
ـ حضورها الفعلي في القمم العربية والمؤتمرات الدولية.
ـ دور مركزي في ضبط حدود تهريب الكبتاغون، أدى إلى انخفاض التهريب بنسبة 68% وفق بيانات مشتركة مع الخليج ولبنان.
ـ إطلاق مسار حوار مؤسسي مع لبنان والأردن والعراق وتركيا حول الأمن والمياه والتجارة.
ثالثًا: الاقتصاد… نهضة بالأرقام
1. تدفق استثمارات غير مسبوق
شهد عام 2025 توقيع اتفاقيات بقيمة تقارب 18.4 مليار دولار أميركي، توزعت على:
6.2 مليار للطاقة المتجددة.
4.1 مليار للبنى التحتية والطرق والموانئ.
3.7 مليار لإعادة تأهيل المدن الصناعية.
2.9 مليار لقطاع الاتصالات والتكنولوجيا.
1.5 مليار للمصارف والخدمات المالية.
2. إصلاح مالي يعيد الثقة
شهدت البلاد:
زيادة الرواتب بنسبة 145% على ثلاث مراحل.
ارتفاع حجم الإيداعات المصرفية بنسبة 53% خلال 10 أشهر.
عودة 34 شركة دولية للعمل داخل سوريا بعد رفع قيود “قيصر”.
3. استقرار مالي يعيد الليرة إلى الواجهة
خفّضت الحكومة سعر الصرف الموازي من 14,800 إلى 6,200 ليرة للدولار.
اعتماد سلة عملات في التجارة الخارجية خفّض كلفة الواردات بـ 23%.
ضبط اقتصاد الظل، الذي تقلّص حجمه من 62% من الناتج إلى 38% فقط خلال عام.
رابعًا: الجيش والأمن… مؤسسة وطنية جديدة
1. جيش وطني موحد
جرى دمج 92 فصيلًا ضمن هيكل الجيش الوطني الموحد، ليصل عدد القوات المنتظمة إلى 215 ألف جندي مع تدريب مشترك في ثلاث دول.
2. أمن يخضع للقانون
إخضاع 7 أجهزة أمنية لرقابة النيابة العامة.
إلغاء 13 فرعًا أمنيًا غير ضروري.
تحويل 11 ألف عنصر من العمل الأمني إلى الشرطة المدنية.
3. حل الميليشيات
وفق تفاهمات داخلية وخارجية، تم حل 80% من المجموعات غير النظامية ودمج حوالي 27 ألف عنصر في الجيش أو سوق العمل.
خامسًا: ملف المهجّرين… عودة 3 ملايين خلال عام
أكبر إنجاز اجتماعي في عهد الشرع تمثّل في عودة ثلاثة ملايين مهجّر ونازح إلى سوريا خلال عام واحد، وفق خطة من أربع مراحل:
1. إعادة إعمار عاجلة لـ 120 ألف منزل بموازنة بلغت 1.1 مليار دولار.
2. عودة 900 ألف شخص من لبنان والأردن والعراق عبر معابر رسمية.
3. عودة 2.1 مليون لاجئ داخلي إلى محافظاتهم بعد تأهيل البنية التحتية.
4. برنامج دعم معيشي شمل 600 ألف أسرة عبر مساعدات نقدية لمدة 6 أشهر.
هذه العودة الواسعة أعادت ديناميات الحياة الاقتصادية إلى عشرات المدن، ورفعت الناتج المحلي بنسبة أولية بلغت 4.7%.
خلال عام واحد فقط، تغيّرت سوريا أكثر مما تغيّرت في نصف قرن. من دولة مستنزفة إلى دولة تنفض رماد الحرب وتستعيد سيادتها وطاقاتها، يقف أحمد الشرع اليوم على مفترق تاريخي يصوغ مستقبل سوريا.
فهل تتحول هذه الإنجازات إلى نهضة مستدامة تمنح سوريا مكانتها الطبيعية بين دول المنطقة؟..
موقع سفير الشمال الإلكتروني