لا سؤال يتقدّم في لبنان هذه الأيّام على سؤال بات على ألسنة الجميع فيه، وهو: هل يُوسّع العدو الإسرائيلي رقعة عدوانه باتجاه لبنان بعد الحرب الواسعة التي شنّها على إيران يوم الجمعة الماضي، وجعلت إحتمال اتساع دائرة الحرب لتشمل دولاً أخرى بالمنطقة والعالم إحتمالاً قائماً بقوة؟
بالطبع يبدو حزب الله أكثر من سواه من بين القوى اللبنانية المعني الأوّل بهذا السؤال الذي طرح نفسه في مختلف الأوساط المحلية والإقليمية منذ اللحظة الأولى لبدء العدوان الإسرائيلي على إيران فجر يوم الجمعة الماضي، ويتمحور السؤال حول ما إذا كان الحزب سيقوم بـ”حرب إسناد” ودعم لإيران شبيهة بـ”حرب الإسناد” التي قام بها في 8 تشرين الأوّل من العام 2023 دعماً لحركة حماس في قطاع غزّة في اليوم التالي الذي أعقب عملية “طوفان الأقصى”؟
رسمياً لم يصدر عن الحزب أيّ موقف يوضح فيه موقفه بهذا الصدد، حول إذا ما كان سيقوم بمساندة إيران بمواجهة العدوان الإسرائيلي عليها، أم أنّه سيكتفي بالتنديد بعدوان إسرائيل معتبراً أنّها “تُهدد بإشعال المنطقة”، وإبداء تضامنه مع إيران وتقديم الدعم لها سياسياً وإعلامياً وشعبياً، باستثناء ما أعلنه مسؤول في الحزب لوكالة “رويترز” من أنّ الحزب “لن يشنّ هجوماً منفرداً على إسرائيل ردّاً على غاراتها على إيران”، موضحاً أنّ حزب الله “لن يبادر بالهجوم على إسرائيل”.
الإهتمام بموقف حزب الله من الحرب العدوانية التي تشنّها إسرائيل منذ أربعة أيّام على إيران لا يعود إلى كونه يُعدّ واحداً من حلفاء إيران في لبنان والمنطقة، إنّما كونه الأبرز من بينها، إضافة إلى كونه يمتلك قدرات عسكرية وخبرات إكتسبها منذ سنوات تأسيسه قبل أكثر من 40 سنة وحتى اليوم، برغم الأضرار الكبيرة التي أصابت هذه القدرات والإمكانات خلال عدوان إسرائيل الأخير على الحزب ولبنان.
غير أنّ مراقبين كثر يتوقعون إنطلاقاً من تحليلات مختلفة، أن لا يبقى حزب الله وقتاً طويلاً خارج دائرة الحرب، وأنّه قد يُعيد النظر في موقفه إذا طال أمد النزاع واتسعت رقعة الحرب وقيام إسرائيل بشنّ عدوان ضد الحزب أو ازداد الضغط على إيران، ما يجعل من السّابق لأوانه الجزم ببقاء الحزب، وحلفاء آخرين في محور المقاومة، على الحياد في المدى البعيد.
ويذهب مراقبون إلى حدّ أنّ إسرائيل قد تقدم، في ظروف معينة ترافق تطورات الحرب لاحقاً، على جرّ آخرين إليها، من دول وأنظمة وتنظيمات من بينها حزب الله، من أجل جرّ دول أخرى حليفة لإسرائيل على رأسها الولايات المتحدة للمشاركة في الحرب على نحو علني ومباشر، على أمل ترجيح كفتها فيها والقضاء على خصومها تمهيداً لتنصيب نفسها الحاكم الفعلي للشّرق الأوسط بعد إعادة رسم خرائطه بما يناسب مصالحها.
لكنّ هذه التساؤلات المقلقة والمتشعبة تبقى جميعها بلا أجوبة عليها بانتظار ما سيحمله الميدان من تطوّرات، في منطقة ما تزال منذ نشأة كيان إسرائيل عام 1948 تعيش على صفيح ساخن واضطرابات سياسية وأمنية واجتماعية لم تهدأ يوماً.
موقع سفير الشمال الإلكتروني