| رندلى جبور |
ليست “سقطت سهواً”، المعلومات الاستخبارية التي تقصّدت إيران كشفها، ولو أن المخابرات في العادة عملٌ سرّي، ويكمن نجاحه في مدى سرّيته.
وكثيرون من الأصدقاء لاموا الإيرانيين بأنْ “لماذا تكشفون ما تمتلكون”، وهذه وجهة نظر صحيحة إذا ركنّا إلى نظرية عدم كشف نقاط القوّة ونقاط الضعف للعدو، لكي لا يَفهم الأولى فيجد لها المواجَهة المناسِبة، ولكي لا يستغل الثانية ويَعْبُر منها إلى التفوّق.
أما في حالة الكشف عن الوثائق والمعلومات المرتبطة بالنووي الاسرائيلي، وبملفات عن مستخدمي “السوشال ميديا” في الكيان، وعن أنظمة البنى التحتية، والسجون، والمعلومات الجنائية، وشبكات الفساد فيه، وغيرها… فقد تقصّدت طهران الإعلان عنها لأسباب عدة، منها:
أولاً ـ في توقيت حسّاس ما بين التهديد الإسرائيلي بضرب إيران، والمفاوضات الأميركية ـ الإيرانية، يأتي إفشاء السرّ ليردع العدو الاسرائيلي وليقوّي أوراق التفاوض مع الأميركي.
ثانياً ـ إن إيران تقول بوضوح “إن ضربتم سنضرب.. حتى مفاعلاتكم النووية”.
ثالثاً ـ إن طهران تعرف وتقدر. وكما يمتلك العدو معلومات وقوة استخبارية وتقنية هائلة، هي تمتلك بالمثل.
رابعاً ـ ليست الحرب مع إيران نزهة، ولا حتى التفاوض معها. وفي الحرب كما في الاتفاقات، لديها الأوراق اللازمة للتعامل من موقع قوة مع الحالتين.
خامساً ـ إن إيران تراقب الكيان وترى كل ما فيه، وهي لم تكن نائمة أو في حالة ركود وانتظار طيلة السنوات الماضية.
هي باردة وهادئة نعم، ولكنها قوة حيّة، وقد راكمت المعلومات وطوّرت ذاتها وتقدّمت رغم الحصار والعقوبات وعلى كل الصعد.
وأخيراً، لقد أتت هذه المصارحة الإيرانية تحت العنوان الكشفي”أنا مستعد”، وبالتالي أفقدت الأعداء القدرة على المفاجأة، واستبقتها بمفاجأة من العيار الثقيل.
لقد تجرّأت على الإعلان بأنها تعرف، وسدّت مسبقاً ثغرة “اللا معرفة” أو سوء التقدير، لكي يفكّر الاسرائيليون والأميركيون ألف مرّة قبل ارتكاب حماقة ما.