كشفت تطوّرات يوم أمس بما يتعلّق بقوات حفظ السّلام الدولية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل) حجم الضغوطات التي تمارس، من أكثر من جهة، قبيل اتخاذ مجلس الأمن الدولي قراره التمديد لهذه القوات 6 أشهر جديدة نهاية شهر آب المقبل، كإجراء يفترض أن يتمّ بشكل روتيني منذ تواجد هذه القوات في الجنوب الذي مضى عليه سنوات.
غير أنّ أصوات بعض المسؤولين الأميركيين، ومعهم مسؤولون إسرائيليون، إرتفعت خلال الآونة الأخيرة دعت إلى تحقيق أمرين متعلقان بقوات “اليونيفيل”: الأوّل توسيع صلاحياتها (المقصود مناطق شمال نهر الليطاني وصولاً إلى لبنان كلّه إذا لزم الأمر) وحريّة حركتها (أيّ بعيداً عن مشاركة الجيش اللبناني ـ كما ينص قرار عملها في لبنان ـ في دورياتها، وأن تقوم بهذه الدوريات بشكل منفرد واستقلالية تامة)؛ والثاني إنهاء عمل قوات “اليونيفيل” كليّاً ونقل مهماتها وصلاحياتها إلى اللجنة الخماسية التي تشرف على قرار وقف إطلاق النار في الجنوب، منذ أشهر، وهي اللجنة التي يرأسها جنرال أميركي.
هذه الأصوات التي مثّلت ضغوطاً باتت تتزايد يومياً منذ فترة، ترافقت أمس مع تعرّض مواطنين في بلدات وقرى جنوبية لدوريات كانت تقوم بها قوات “اليونيفيل”، معتبرين أنّها لا تلتزم بالقرار الأممي الذي يفرض عليها أن تكون دورياتها مشتركة مع الجيش اللبناني، وليس منفردة، ما دفع الجيش إلى التدخّل لاحتواء الموقف.
وجاء بيان اليونيفيل التوضيحي لاحقاً ليؤكّد ذلك، إذ لفت إلى أنّ دوريتها التي تعرّضت لرشق بالحجارة كانت منفردة وليست مشتركة مع الجيش بل كان “مخططاً لها بالتنسيق مع الجيش اللبناني”، معتبرة ـ وفق تفسيرها الخاص للقرار 1701 ـ أنّ “حريّة الحركة تعدّ شرطاً أساسياً لتنفيذ القرار”، ومضيفة أنّه “يُعدّ أيّ تقييد لهذه الحرية – سواءً أثناء القيام بأنشطة عملياتية مع الجيش اللبناني أو بدونه – إنتهاكاً لهذا القرار”.
طبعاً هذا التعرّض من قِبل مواطنين لقوات “اليونيفيل” لأنّها تقوم منفردة بدورياتها وليس إشتراكاً مع الجيش اللبناني ليس الأوّل من نوعه، ويبدو أنّه لن يكون الأخير طالما لا تلتزم “اليونيفيل” ذلك، وفي كلّ مرّة كانت المشكلة تعالج ميدانياً أو لاحقاً، لكنّ إثارة هذه المشكلة الآن بالذات، وتضخيمها، وفي ظلّ الضغوطات التي تمارس لتوسيع صلاحياتها أو الغائها، جعلت هذه المشكلة تأخذ أبعاداً أكبر لم تأخذها سابقاً.
وزاد من إمتعاض أهالي الجنوب على قوات “اليونيفيل” أنّها تحوّلت برأيهم إلى شاهد زور على ما يجري من إعتداءات إسرائيلية على الجنوب ولبنان، وخرق لقرار وقف إطلاق النّار أكثر من 1200 مرّة، مقابل إلتزام لبنان بالقرار، من دون أن تردع القوات الدولية إعتداءات إسرائيل، وآخرها الإعتداء الذي قام به العدو على الضاحية الجنوبية عشية عيد الأضحى، ما جعل الأهالي يتساءلون: أيّ سلام تحفظه هذه القوات في مهمة أساس وجودها هو حفظ السلام، وهل مهمتها أن تكون عدّاداً لخروقات العدو، وصولاً إلى عدم التزامها بدوريات مشتركة مع الجيش اللبناني كما حصل أمس؟
ومع أنّ الحكومة اللبنانية تؤكّد على ضرورة إستمرار وجود وعمل “اليونيفيل” في لبنان، لأنّ كلفة إلغاء دورها أكبر، برغم ملاحظات عديدة على هذا الدور، فإنّ الأيّام الفاصلة حتى نهاية آب ستكون حاسمة، ويرتقب أن تشهد تطوّرات كثيرة قبل أن تتكشف نتائجها.
موقع سفير الشمال الإلكتروني