2025- 06 - 06   |   بحث في الموقع  
logo إحصاء أولي للاضرار التي خلفتها الاعتداءات الاسرائيلية على الضاحية الجنوبية.. logo تهديد إسرائيلي جديد لـ”حزب الله”! logo هذا ما أعلنه كرامي بشأن بيان الجيش المتعلق بالعدوان الاسرائيلي logo فرنسا تدعو إسرائيل إلى “الانسحاب في أسرع وقت” من لبنان logo موجة حر تضرب لبنان وتحذير من الحرائق logo وفد من “حزب الله” زار أضرحة الشهداء في صيدا والجوار بمناسبة الأضحى logo تحذير من الحرائق بسبب موجة الحر التي تضرب لبنان logo بوتين: القطب الشمالي منطقة استراتيجية حيوية لروسيا
التثقيف السياسي في العصر الرقمي!.. بقلم: ليلى شحود تيشوري
2025-06-06 03:25:56

في عالم تزدحم فيه المنصات بالآراء والانفعالات، وترتفع الاصوات، وتتنازع السرديات مع بعضها البعض، تبرز الحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى بناء وعي سياسي ناضج لايتأثر بالصخب ولا يغرق في بحور التعميم، بل ينبع من فهم متين لطبيعة العمل العام ولدور المواطن فيه.


فليس كل من يرفع صوته ناقدا يسعى بالضرورة للإصلاح ولا كل من يلتزم الصمت غافلا بل إن التمييز بين النقد الهادف والتهجم المحبط لا يكون ممكنا إلا حين يمتلك الناس أدوات الوعي السياسي، التي تساعدهم على التمييز بين الحقائق والانطباعات بين الأسئلة المشروعة والاتهامات المجانية.


هنا تتجلى أهمية التثقيف السياسي كوسيلة لتحصين المجتمع من الانجرار خلف الشعبوية والتعبئة العاطفية ولتأهيل المواطن للقيام بدوره كاملا في الرقابة والمساءلة والمشاركة إذ لا يكفي أن نمنح الناس حق التعبير دون ان نزودهم بأدوات التحليل والفهم والمقارنة.


ومع تطور التكنولوجيا ووسائل الاتصال باتت منصات التعبير مفتوحة أمام الجميع وأصبح كل فرد يمتلك القدرة على النشر والتأثير وصياغة الرأي العام .


هذا الواقع الجديد يوسع هامش الحرية ويمنح المواطن صوتا مسموعا لكنه في الوقت نفسه يحمل وجها آخر أكثر تعقيدا فإذا غابت المعرفة وحضر الجهل يصبح العالم الرقمي أرضا خصبة للتضليل والتجريح والإثارة الفارغة من المضمون .


فالمجال الواسع للتعبير يشبه السيف ذي الحدين إما أن يكون وسيلة لرفع الوعي وبناء الثقة أو يتحول إلى أداة لخلخلة الاستقرار وتعميق الانقسامات بحسب طبيعة الاستخدام ومستوى الوعي الجمعي.


التثقيف السياسي ليس ترفا نخبويا ولا نشاطا موسميا بل هو ضرورة بنيوية في أي نظام يسعى إلى الديمقراطية الفعلية وهو لا يقتصر على متابعة الأخبار أو حضور الخطابات بل يتطلب بناءا معرفيا منهجيا يعرف المواطن بهياكل الدولة وأدوار المؤسسات وطبيعة المسؤولية العامة وأهمية المساءلة الموضوعية لا العاطفية .


وهنا تبرز الحاجة إلى تطوير المناهج التعليمية وفي طليعتها مادة التربية الوطنية التي غالبا ما تدرس بصورة جافة ومجردة من سياقها الحي في حين يمكن أن تكون منبرا فعليا لترسيخ الوعي السياسي لدى الطلبة إذا ما تم رفدها بأطر تعليمية تشرح للمراهقين أسس الدستور ومفاهيم الحقوق المدنية، وآليات المشاركة الشعبية بل وتدربهم على التفكير النقدي وتحليل الخطاب السياسي وممارسة النقاش العام ، بروح من المسؤولية والاحترام المتبادل.


إن هذا الدور لا يقتصر على المدارس فحسب بل يمتد إلى الجامعات والأحزاب ومراكز الثقافة إذ ينبغي للأحزاب السياسية ألا تنحصر في كونها أدوات انتخابية، او قنوات للوصول إلى السلطة بل أن تتحول إلى منابر لتأهيل القيادات الشابة وتدريبها على الفهم والحوار، وتنظيم الرأي العام بصورة مسؤولة، فإذا غابت هذه المنابر الجادة ساد الارتجال وتسللت الشعبوية وامتلأت الساحة بأصوات تفتقر للعمق، وتعتمد على الإثارة الإعلامية بدلا من البرمجة الواقعية، كما لا يمكن إغفال دور الإعلام الذي يستطيع أن يكون أداة تثقيف وبناء حين يلتزم بالدقة ويطرح الأسئلة المعمقة، ويستضيف الخبراء ويعرض الوقائع من زوايا متعددة أما حين يسقط في التهويل أو التضليل فإنه لا يكتفي بتشويه الحقيقة بل يساهم في تقويض الثقة العامة وتعطيل فرص الإصلاح.


في النهاية لا تنمو الديمقراطية الحقيقية في بيئة تخلو من النقد ولا تزدهر الحياة السياسية في ظل الفوضى والتشكيك المتواصل.


فحرية التعبير لا تعني حرية الهدم والاعتراض لا يعني الرفض التلقائي بل إن ما يصنع وعيا سياسيا راشدا هو ذاك التوازن الضروري بين الحق في النقد والالتزام بالمسؤولية، بين المحاسبة الهادفة والتعاون الوطني الصادق ، وحين يكون كل فرد واعيا بحقوقه وواجباته مؤمنا بأن السياسة ليست شأنا نخبويا بل مسؤولية جماعية ، حيث يبدأ المجتمع في التحول من متلق سلبي إلى شريك فعلي في بناء المستقبل.

موقع سفير الشمال الإلكتروني






ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top