قبل أن يتم البتّ، أواخر شهر آب المقبل، بتجديد مهام قوات حفظ السّلام العاملة في الجنوب (اليونيفيل) 6 أشهر إضافية، كما جرت العادة في مجلس الأمن الدولي كإجراء روتيني ما يزال متّبعاً منذ سنوات، برزت تطورات جديدة جعلت مصير هذه القوات واحتمال التمديد لها في خطر، في ضوء مطالبات أميركية وإسرائيلية تدعو إمّا إلى خفض عديدها إلى النصف، في مرحلة أولى، أو الإستغناء عنها وإيكال المهمّة التي تقوم بها إلى لجنة مراقبة وقف إطلاق النّار بين لبنان والعدو الإسرائيلي.
وتتحدث المعلومات والتسريبات في هذا الصدد عن أنّ هناك توجّهاً أميركياً لتعديل وتوسيع مهام قوات اليونيفيل وصلاحياتها، بعدما سبق أن طلب لبنان رسمياً من الأمم المتحدة التمديد الروتيني لهذه القوات، من دون أيّ تعديلات على قرار التمديد، أما إذا تعذّر التمديد فإنّ واشنطن التي تعمل على هذا الخط إقترحت توسيع مهام لجنة المراقبة بعد ترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل.
وليس خافياً أنّ مطلب الولايات المتحدة ومن خلفها إسرائيل من طرح هذا الموضوع، أيّ إمّا تعديل مهام اليونيفيل أو نقل هذه المهام إلى لجنة المراقبة، هو توسيع نطاق عملها ليشمل لبنان كله، وليس مناطق جنوب نهر الليطاني فقط، من أجل تشديد الخناق والضغط على حزب الله وحلفائه بهدف إراحة إسرائيل بالدرجة الأولى ولو على حساب خسارة لبنان سيادته واستقلاله وقراره، وجعل هذه القوات، سواء الحالية أو المستقبلية، تعمل بشكل مستقل بعيداً عن الدولة اللبنانية، لا بل أن تعمل الدولة اللبنانية تحت إمرة هذه القوات التي ستصبح في حال حصل أيّ تعديل أو استغناء عنها لمصلحة قوة أخرى هي الحاكم الفعلي للبنان، وصاحبة الكلمة العليا فيه.
ومع أنّ هذه القوات لا تعمل لمصلحة لبنان كليّاً، ولا تنصفه في مواجهة العدوان المستمر عليه، فإنّ هذه القوات في الوقت نفسه تزعج إسرائيل التي ترى فيها شاهداً دولياً على الخروقات التي تقوم بها يومياً، برغم وجود قرار لوقف إطلاق النّار بين لبنان والعدو، وهي خروقات واعتداءات لم تتوقف، إلى حد وصف فيه المتحدّث باسم هذه القوات أندريا تيننتي، يوم أمس، وجود الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان على أنّه “احتلال”، معتبراً أنّ عليه “مغادرة جنوب لبنان”، ولافتاً إلى أنّه “علينا إعادة الإستقرار إلى الجنوب، والأهم إعادة السّكان في جنوب لبنان وإلى كلّ القرى المدمرة”.
ما سبق يعني أنّ الأيّام المقبلة ستكون حاسمة بالنسبة لمصير هذه القوّات، لأنّه إذا لم يتم التجديد لها 6 أشهر إضافية بشكل روتيني من دون إدخال أيّ تعديلات على مهامها لأنّه لا يوجد أيّ توافق دولي ـ لبناني على تعديل مهامها أو خفض عديدها أو الإستغناء عنها لمصلحة لجنة المراقبة، فإنّ الإستقرار الهشّ في الجنوب سيكون معرّضاً للإنهيار عند أول انتكاسة أمنية، وهو أمر يثير خشية وقلق كثيرين، وعلى نطاق واسع، في الداخل والخارج.
موقع سفير الشمال الإلكتروني