عندما بدأ البعض في لبنان يتحدث عن ضرورة نزع سلاح حزب الله وحصر السّلاح غير الشّرعي بالجيش اللبناني فقط، إلتزاماً بالقرار الدولي 1701، لفت هذا البعض إلى أنّ نزع السّلاح يجب أن يشمل السّلاح الموجود في المخيمات الفلسطينية في لبنان، لاعتباره بنظرهم سلاحاً غير شرعي لا ينبغي تجاهله.
وإذا كان هذا البعض وسّع من مطالبه بأنّ يكون نزع سلاح حزب الله في الأراضي اللبنانية كافّة وليس جنوب نهر الليطاني فقط، فإنّ هذا البعض طالب بداية بنزع سلاح المخيمات الفلسطينية أولاً جنوب نهر الليطاني، وتحديداً مخيمي البصّ والرشيدية، قبل أن تتسع مطالبه لتشمل نزع السّلاح الفلسطيني في جميع الأراضي اللبنانية بلا استثناء، وأن لا يقتصر الأمر على سلاح حزب الله فقط.
لا شكّ أنّ مطالبات من هذا النوع ما كان لها أنْ تصدر وتجد من يدعو لها لولا التطورات الأخيرة التي شهدها لبنان والمنطقة جرّاء العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان وقطاع غزّة والضفة الغربية، من اغتيال الأمين العام السابق لحزب الله الشهيد السيد حسن نصر الله، وبعد سقوط النّظام السوري السابق، ما جعل خصوم المقاومة، اللبنانية والفلسطينية، يجدون بأنّ الفرصة قد باتت سانحة لهم للتخلّص من سلاح حزب الله والفصائل الفلسطينية دفعة واحدة.
بما يخصّ نزع سلاح المخيمات الفلسطينية، والذي ترافق مع تأييد له من قبل السلطة الوطنية الفلسطينية الذي زار رئيسها محمود عبّاس (أبو مازن) لبنان قبل أيّام، ونوقش هذا الملف معه، لم يخف البعض بأنّ نزع سلاح المخيمات الفلسطينية يعني برأيهم إلغاء عملياً لاتفاق القاهرة الذي أقر عام 1969، وجعل لبنان ساحة للمقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل، وإنطلاقاً منه لاستعادة الأرض وتحريرها وعودة اللاجئين إلى بلدهم، برغم ما شاب ذلك لاحقاً من تجاوزات أضرّت بالمقاومة والقضية الفلسطينية معاً.
لكنّ تطوّرات الأيّام الأخيرة في ضوء تداعيات العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي ضوء ما حصل من تطوّرات في المنطقة، دفع البعض في لبنان إلى تنظيم حملات إعلامية وسياسية تحريضية ضاغطة تدعو إلى نزع سلاح المخيمات الفلسطينية في لبنان، معتبرين أنّ ذلك مقدمة ستسهل عليهم نزع سلاح حزب الله والتخلّص منه.
غير أنّ أصواتاً لبنانية وفلسطينية عديدة إرتفعت لاحقاً في مواجهة الحملة على سلاح المقاومة اللبنانية والفلسطينية وعملت على تصويب النقاش في هذه المسألة، إنطلاقاً من أمرين:
الأوّل أنّه بدل توجيه السّهام وشنّ الحملات على سلاح المقاومة كان يُجدر بمن يدعو لنزع هذا السلاح إنتقاد الخروقات الإسرائيلية المستمرة واعتداءاتها المتكررة على لبنان والتي لم تتوقف منذ التوصل لاتفاق وقف إطلاق النّار، والتي كان آخرها يوم أمس لمّا أغار الطيران الحربي الإسرائيلي على بلدات ومواقع في قضاءي جزين وحاصبيا وفي إقليم التفاح، وسؤال خصوم المقاومة هل لا ترون في اعتداءات إسرائيل إنتهاكاً لسيادة لبنان واستقلاله؟
والثاني أنّ قوى فلسطينية مختلفة وعديدة دعت إلى مقاربة الوجود الفلسطيني في لبنان من منظور إجتماعي وليس من منظور أمني فقط، ودعوا إلى إقرار مطالبهم بالحقوق الإجتماعية، وهي مطالب مزمنة بدأت منذ الأيّام الأولى لتوافد اللاجئين الفلسطينين إلى لبنان بعد نكبة 1948 وحتى اليوم، وما تزال عالقة لا تجد من يعالجها، وبالتالي فإنّ مقاربة هذا الملف ناقصة، ولن تسهم في معالجة المشكلة.
موقع سفير الشمال الإلكتروني