في ظلّ ما نشهده اليوم من نزاعات فكرية وانقسامات سياسية وصراعات دينية متفاقمة اصبح من الواضح ان كثيرا من مجتمعاتنا تعاني حالة تفكك عميقة تهدد نسيجها الداخلي ووحدتها الوطنية ورؤيتها المستقبلية .
لقد تراجعت مساحات الحوار وانسحبت لغة العقل لتحل مكانها لغة التخوين والإقصاء .
ومع تزايد النزاعات يتجه المجتمع نحو حالة من الانقسام البنيوي الذي يهدد الاستقرار .
كما مع تزايد الصراعات تتراجع قيم التعايش والسيادة للخطاب الإقصائي .
من جهة مجتمع منقسم تتوزع فئاته إلى تيارات متعارضة تتصارع على الأفكار والمواقف السياسية والعقائدية .
من جهة ثانية مجتمع هش إجتماعياً والروابط بين مكوناته متصدعة تختفي فيه الثقة المتبادلة بين الأفراد والمجتمعات .
ومجتمع آخر مأزوم يعاني من أزمات وغياب التوافق الوطني وانتشار الإحباط واليأس ما يؤدي إلى حالة شلل فكري وسياسي .
وليس اخراً مجتمع مهيئ للانفجار او التصادم بسبب تراكم الخلافات وعدم وجود آليات للحل .
فلا بد من قيادة رشيدة حكيمة ومرجع الوسيط لكل هذه المجتمعات .
هذا المجتمع ليس ميؤوسا منه انما بحاجة ماسة إلى مشاريع اصلاحية يقودها تيار الوسطية والاعتدال إلى جانب حوار وطني جامع .
لهذا تبرز اهمية تيار الوسطية والاعتدال بوصفه قوة توازنية يسعى إلى تقريب وجهات النظر وتعزيز الحوار عبر تبني خطاب عقلاني جامع يرفض العنف بكل اشكاله .
تيار الوسطية اصبح ضرورة وطنية وثقافية واخلاقية لانه لا يمثل مجرد موقف بل هو رؤية شاملة لاعادة بناء الثقة ونشر ثقافة التسامح وتعزيز القيم الجامعة التي تعلي من شأن الانسان وتحترم الاختلاف دون السماح له بالتحول إلى صراع .
فاذا الوسطية ليست ضعفاً بل قوَة عقلانية تقاوم الانزلاق نحو الفوضى والقادرة على جمع الفرقاء حول طاولة واحدة وبناء مستقبل مشترك لا يستثني ولا يُهمّش احداً .
موقع سفير الشمال الإلكتروني